غير الإسلام ، يقرّ على ذلك ولا يعترض عليه (١). ثمّ أخذ في مناقشتهم على عادته.
[٢ / ٦٢٥١] وروى البخاري وأصحاب السنن ، واللفظ لأحمد ، بالإسناد إلى عكرمة : أنّ عليّا عليهالسلام حرّق ناسا ارتدّوا عن الإسلام فبلغ ذلك ابن عبّاس ، فقال : لم أكن لأحرقهم بالنار ، وإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا تعذّبوا بعذاب الله ، وكنت قاتلهم ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من بدّل دينه فاقتلوه» ، فبلغ ذلك عليّا عليهالسلام فقال : «ويح ابن أمّ ابن عبّاس!» (٢).
قلت : هذا الحديث بهذه الصورة مستنكر عندنا. وقضيّة إحراق الإمام عليهالسلام ناسا ارتدّوا ، موضوعة مفتعلة ، وضعتها أياد أثيمة أرادت الحطّ من شأن أعلم الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقضاهم وأفضلهم على الإطلاق. وما علم ابن عبّاس إلى جنب علم عليّ عليهالسلام إلّا كقطرة من بحر ، بل هو مستقاة فكيف يفضل عليه؟!
هذا وقد عقد البخاري بابا جوّز فيه حرق المرتدّ.
[٢ / ٦٢٥٢] أخرج عن أبي قلابة عن أنس بن مالك : أنّ رهطا من عكل (٣) ثمانية قدموا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فاجتووا المدينة (٤) ، فقالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبغنا رسلا (٥)!
فقال : ما أجد لكم إلّا أن تلحقوا بالذود (٦) ، فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتّى صحّوا وسمنوا (٧) ، وقتلوا الراعي ، واستاقوا الذّود ، وكفروا بعد إسلامهم. فأتى الصّريخ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فبعث الطلب ، فما ترجّل النهار (٨) حتّى أتى بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، ثمّ أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها ، وطرحهم بالحرّة يستسقون فما يسقون حتّى ماتوا.
قال أبو قلابة : قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فسادا (٩).
__________________
(١) المصدر : ١٩٤.
(٢) مسند أحمد ١ : ٢١٧ و ٢٨٣ و ٥ : ٢٣١ ؛ البخاري ٤ : ٧٥ و ٩ : ١٣٨ ؛ الترمذي ٤ : ٥٩ / ١٤٥٨ ؛ الدار قطني ٣ : ١٠٨ و ١١٣ ؛ أبو داوود ٤ : ١٢٦ ؛ النسائي ٧ : ١٠٤ ـ ١٠٥ ؛ ابن ماجة ٢ : ٨٤٨ ؛ البيهقي ٨ : ١٩٥ و ٢٠٢ و ٢٠٥ و ٩ : ٧١ ؛ الحاكم ٣ : ٥٣٨ ؛ مجمع الزوائد ٦ : ٢٦١.
(٣) في مسند أحمد (٣ : ١٠٧) وغيره : «من عرينة».
(٤) أي كرهوا المقام بالبلد.
(٥) أي أعنّا على رسل وهو : الدرّ من اللبن.
(٦) الذّود : القطيع من الإبل في أقلّ من عشرة.
(٧) وهل يصحّ ويسمن أحد من شرب الأبوال؟
(٨) ما نزل عن ركوبته.
(٩) البخاري ٤ : ٧٥ ؛ فتح الباري ٦ : ١٠٧ ـ ١٠٨. ورواه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد.