بالعشر ، والسيّئة بواحدة! فقال له الإمام الصادق عليهالسلام : ويلك ، أما قرأت : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(١). وسيوافيك الحديث في بحث التكفير (٢).
***
٤ ـ وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)(٣).
رجّح سيّدنا الطباطبائي دلالة الآية الكريمة على الحبط ، قال : ظاهر الآية أنّ رفع الصوت فوق صوت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والجهر له بالقول ، معصيتان موجبتان للحبط ، الأمر الّذي يدلّنا على أنّ غير الكفر من المعاصي ـ أيضا ـ يوجب الحبط (٤).
قلت : لا شكّ أنّ أصحابنا الإماميّة متّفقون على أن لا حبط في غير الموت على الجحود ، لأنّه ظلم وقبيح ـ حسبما أسلفنا ـ ومن ثمّ ذهبوا جميعا إلى توجيه الحبط في الآية الكريمة بما يلتئم ومذهبهم في العدل :
قال العلّامة المجلسي ـ رحمهالله ـ : «اعلم أنّ المشهور بين متكلّمي الإماميّة بطلان الإحباط والتكفير ، بل قالوا باشتراط الثواب والعقاب بالموافاة. بمعنى أنّ الثواب على الإيمان مشروط بأن يعلم الله منه أنّه يموت على الإيمان ، والعقاب على الكفر والفسوق مشروط بأن يعلم الله أنّه لا يسلم ولا يتوب. وبذلك أوّلوا الآيات الدالّة على الإحباط والتكفير» (٥).
وقال شيخ الطائفة ـ قدسسره ـ في تفسير الآية : «ثمّ أمرهم ـ ثانيا ـ بأن قال : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) على وجه الاستخفاف به صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[٢ / ٦٢١٩] فإنّ مجاهدا وقتادة قالا : جاء أعراب أجلاف من بني تميم فجعلوا ينادون من وراء الحجرات : يا محمّد ، اخرج إلينا.
قال : ولو أنّ إنسانا رفع صوته على صوت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على وجه التعظيم له والإجابة لقوله ، لم يكن مأثوما. وقد فسّر ذلك بقوله : (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) فإنّ العادة جارية أنّ
__________________
(١) المائدة ٥ : ٢٧.
(٢) راجع : معاني الأخبار للصدوق : ٣٣ ـ ٣٥ / ٤.
(٣) الحجرات ٤٩ : ٢.
(٤) الميزان ١٨ : ٣٣٥.
(٥) البحار ٥ : ٣٣٢.