رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال لابن جحش وأصحابه : «ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام».
ووقّف العير والأسيرين ، وأبى أن يأخذ شيئا من ذلك ، فعظم ذلك على أصحاب السريّة وظنّوا أن قد هلكوا وسقط في أيديهم ، قالوا : يا رسول الله إنّا قتلنا ابن الحضرميّ ثمّ أمسينا فنظرنا إلى هلال رجب فلا ندري أفي رجب أصبناه أم في جمادي.
وأكثر الناس في ذلك وتفاءلت اليهود بذلك وقالوا : واقد ، وقدت الحرب ، وعمرو ، عمرت الحرب ، والحضرميّ ، حضرت الحرب. فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العير فعزل منها الخمس ، فكان أوّل خمس في الإسلام ، وقسّم الباقي بين أصحاب السريّة فكان أوّل غنيمة في الإسلام ، وبعث أهل مكّة في فداء أسيريهم ، فقال : بل نوقفهما حتّى يقدم سعد وعتبة وإن لم يقدما قتلناهما بهما ، فلمّا قدما فاداهما ، فأمّا الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيدا ، وأمّا عثمان بن عبد الله فرجع إلى مكّة فمات بها كافرا ، وأمّا نوفل فضرب بطن فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق فوقع في الخندق مع فرسه فتحطّما جميعا ، فقتله الله فطلب المشركون جيفته بالثمن ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خذوه فإنّه خبيث الجيفة خبيث الدية». فهذا سبب نزول هذه الآية (١).
[٢ / ٦١٩٨] وأخرج النحّاس في ناسخه من طريق جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال : قوله :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) أي في الشهر الحرام. قال (قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) أي عظيم ، فكان القتال محظورا حتّى نسخه آية السيف في براءة (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ)(٢) فأبيح القتال في الأشهر الحرام وفي غيرها (٣).
[٢ / ٦١٩٩] وعن جابر قال : لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يغزو في الشهر الحرام إلّا أن يغزى ، أو يغزو حتّى إذا حضر ذلك أقام حتّى ينسلخ (٤).
__________________
(١) الثعلبي ٢ : ١٣٨ ـ ١٤٠ ؛ البغوي ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ / ٢٢٠ ؛ أبو الفتوح ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٨ ؛ وبمعناه الطبري ٢ : ٤٧٢ ـ ٤٧٤ ؛ وابن أبي حاتم ٢ : ٣٨٥ ـ ٣٨٧ ؛ ودلائل البيهقي ٣ : ١٧ ـ ١٨ ؛ والقميّ ١ : ٧١ ـ ٧٢ ؛ والبحار ١٩ : ١٩١ ـ ١٩٢ ؛ وابن عساكر ٢٤ : ١٧٧ ؛ وكنز العمّال ٢ : ٣٦٦ ؛ وعبد الرزّاق ١ : ٣٣٦ ؛ وتفسير مقاتل ١ : ١٨٤ ـ ١٨٧.
(٢) التوبة ٩ : ٥.
(٣) الدرّ ١ : ٦٠٥.
(٤) الطبري ٢ : ٤٧١ / ٣٢٥٠ ؛ مجمع الزوائد ٦ : ٦٦ ؛ مسند أحمد ٣ : ٣٣٤.