واثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلّكم تفلحون ، ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إنّ الله مع الصّابرين». (١)
[٢ / ٦١٥٢] وعن مالك بن أعين قال : حرّض أمير المؤمنين عليهالسلام الناس بصفّين فقال : «إنّ الله عزوجل قد دلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، وتشفي بكم (٢) على الخير الإيمان بالله ، والجهاد في سبيل الله ، وجعل ثوابه مغفرة للذّنب ، ومساكن طيّبة في جنّات عدن ، وقال عزوجل : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ)(٣) فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدّموا الدّراع ، وأخّروا الحاسر ... ولا تمثّلوا بقتيل ، وإذا وصلتم إلى رحال القول فلا تهتكوا سترا ، ولا تدخلوا دارا ، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلّا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيّجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن امرائكم وصلحائكم فإنّهن ناقصات القوى والأنفس والعقول ، وقد كنّا نؤمر بالكفّ عنهنّ وهنّ مشركات ، وإن كان الرّجل ليتناول المرأة ، فيعبر بها وعقّبه من بعده».
[٢ / ٦١٥٣] وقال : في كلام آخر له عليهالسلام : «وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتّى يقاتلوكم ، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار ، وعضّوا على الأضراس فإنّه أنبى للسيوف عن الهام ، وغضّوا الأبصار ، ومدّوا جباه الخيول ، ووجوه الرجال ، وأقلّوا الكلام فإنّه أطرد للفشل ، وأذهب للويل ووطّنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجاولة واثبتوا واذكروا الله كثيرا ، فإنّ المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الّذين يحفّون براياتهم ، ويضربون حافّتيها وأمامها ، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد ، وعليكم بالتحامي ، فإنّ الحرب سجال (٤) لا يشتدّون عليكم كرّة بعد فرّة ، ولا حملة بعد جولة ، ومن ألقى إليكم السلم فاقبلوا منه ، واستعينوا بالصبر ، فإنّ بعد الصبر النصر من الله عزوجل (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(٥)».
[٢ / ٦١٥٤] وعن مفضّل بن عمر ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام لأصحابه : «إذا لقيتم عدوّكم في الحرب فأقلّوا الكلام ، واذكروا الله عزوجل ولا تولّوهم الأدبار ، فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه ، وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣٦ ـ ٣٨ / ١ و ٢.
(٢) أشفى على الشيء : أشرف.
(٣) الصفّ ٦١ : ٤.
(٤) أي مرّة لكم ومرّة عليكم. مأخوذ من السجل بمعنى الدلو.
(٥) الأعراف ٧ : ١٢٨.