والسلطان فكان قادرا على الخلق والإفناء. والعرش هو الذي فوق السماوات (يَعْلَمُ) يعرف سبحانه (ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) أي ما يدخل فيها ويستتر (وَما يَخْرُجُ مِنْها) من سائر أنواع الحيوان والنبات والجماد ولا يخفى عليه شيء من ذلك (وَ) يعلم (ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) من مطر ومن خيرات ومن أوامر ونواهي (وَما يَعْرُجُ فِيها) أي ما يصعد إليها من ملائكة ومن أعمال الخلق وغيرها (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) بواسطة علمه الذي يحيط بكل شيء فلا يخفى عليه كبير ولا صغير من أعمالكم وأحوالكم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من خير أو شرّ أو حسن أو قبيح (بَصِيرٌ) أي عليم يرى ذلك على حقيقته ، إذ (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يتصرّف فيهما بحسب مشيئته (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي تصير إليه يوم القيامة لأن كلّ ملك ملكه غيره يزول عنه بعد موته ثم يصير ملك الكائنات إليه وحده عزّ اسمه كما كان قبل أن يخلق الخلق (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ ، وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يدخل ما نقص من هذا في هذا وبالعكس بحسب ما دبّر وقرّر ، وقد شرحنا ذلك في غير هذا المكان (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي عارف بأسرار خلقه ولا تخفى عليه وساوس الصدور ولا خطرات الأفكار ولا خفيّات الضمائر. وفي هذا تحذير للعصاة من خلقه.
* * *
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ