مطرنا بالنوء الفلاني فيكون حرف «لا» غير زائد ، والقول : لا أقسم بذلك. وروي عن الصادقين عليهماالسلام أن مواقع النجوم هي رجومها للشياطين وكان المشركون يقسمون بها فقال سبحانه : (فلا أقسم بها). وقيل أيضا أقسم سبحانه بنزول القرآن الذي نزل متفرّقا نجوما وقطعا (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) أي أنه يمين عظيمة ذات أهمّية من أكبر الأيمان (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) أي أن هذا الذي ننزله عليك يا محمد قرآن كثير النفع جمّ الخير ، وهو مكرّم عندنا ومعزّز نأجر من يتلوه ويعمل بما فيه لأنه يشتمل على الأحكام والمواعظ وكلّ نافع للعباد ، فهو كتاب كريم (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) أي مستور محفوظ عن الخلق في اللوح المحفوظ ، وقيل هو المصحف المحفوظ الذي بين أيدينا (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أي الملائكة الموصوفون بالطهارة من الذنوب ، والعباد المطهّرون من الشّرك ومن الأحداث والنجاسات ، ولذا قالوا لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مسّ المصحف ، فلا يجوز مسّ كتابة القرآن إلّا للطاهر ، وهو (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) فهو منزل من عنده تبارك وتعالى على نبيّه صلىاللهعليهوآله ولذا سأل سبحانه أهل مكة متعجّبا ومستنكرا : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ) الذي رويناه لكم في القرآن (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) أي ممالئون ومراءون تعتبرونه كذبا وسحرا وشعرا أو أنكم تداهنون فتقولون آمنّا به وتبقون على شرككم (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) أي وتجعلون نصيبكم من الخير والعطاء بالتكذيب وبتحويل أسباب الرّزق عن واهب الرّزق؟ وعن ابن عباس أنه أصاب الناس عطش في بعض أسفار النبيّ (ص) فدعا ربّه فسقوا ، فسمع رجلا يقول : مطرنا بنوء كذا فنزلت الآية. وقيل معناه : وتجعلون نصيبكم من القرآن الذي رزقكم الله إياه التكذيب؟
* * *
(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ