آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيرا ممّا بأيدينا كنّا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا ممّا في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظّك منه. فقال (ص): معاذ الله أن أشرك به غيره. قالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدّقك ونعبد إلهك. فقال : حتى أنظر ما يأتي من عند ربّي ، فنزل عليه : قل يا أيّها الكافرون ... فعدل إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم ثم قرأ السورة عليهم فأيسوا منه عند ذلك وأخذوا يؤذونه ، ويؤذون أصحابه ... فلا أعبد ما تعبدون من الأصنام (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) وهو الله عزّ وعلا ، في هذا اليوم وفي هذه الحال التي بيننا (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) فيما بعد اليوم وإلى الأبد (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) في المستقبل وفيما بعد اليوم. وقد أعلمه الله سبحانه أنهم لا يؤمنون به لشدة عنادهم. وهذا كقوله تعالى لنوح عليهالسلام : إنه لن يؤمن من قومك إلّا من قد آمن. وبهذا التكرير للآيات حسم سبحانه ما عندهم من أطماع ، فاعبدوا ما شئتم بعد أن دعوتكم فلم تمتثلوا (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) أي لكم كفركم الذي قنعتم به وسيوردكم موارد الهلاك ، ولي دين التوحيد والإخلاص الذي به النجاة والفوز. وفي ظاهر الآيات إباحة لأن يختار كل امرئ ما شاء في عبادته وعقيدته ، ولكن الكلام ينطوي على تهديد ووعيد لمن اختار الكفر ، كما أنه ينطوي على زجر عن الشّرك وعبادة غير الله ، وهو كقوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ). وعن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنه قال : إذا قرأت قل يا أيّها الكافرون فقل : أيّها الكافرون ، وإذا قلت : لا أعبد ما تعبدون فقل : أعبد الله وحده ، وإذا قلت : لكم دينكم ولي دين فقل : ربيّ الله وديني الإسلام.
* * *