نعدّ موتانا ، حتى زاروا القبور فعدّوها وقالوا هذا قبر فلان وهذا قبر فلان ، فكثرهم بنو سهم لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية.
ومهما كان سبب نزول السورة الكريمة فقد ألهى الناس التكاثر بالمال والولد حتى الموت ، وقد روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : يقول ابن آدم : مالي لي. ومالك من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدّقت فأمضيت. وقد ردّ الله تعالى على حال الإنسان هذه بقوله عزوجل : (كَلَّا) أي ليس الأمر كما أنتم عليه من التكاثر بالمال والولد وأنا أتوعّدكم وأقول لكم : (سَوْفَ تَعْلَمُونَ ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) قالها مكرّرة لتكون وعيدا بعد وعيد ، أي أنكم سترون عاقبة تفاخركم هذا بالتأكيد ، إذا نزل الموت بساحتكم ، ولكن زر بن حبيش روى أن عليّا أمير المؤمنين عليهالسلام قال : معناه : سوف تعلمون في القبر ، ثم سوف تعلمون في الحشر. وفي قول بعض المفسّرين : كلّا سوف تعلمون إذا رأيتم دار الأبرار ، ثم كلّا سوف تعلمون إذا رأيتم دار الفجّار (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) أي : لا ، وليتكم تعلمون هذا الأمر علما يقينيّا ، وإذن لشغلكم علمكم به عن التباهي بالمال والرجال ، ثم زاد سبحانه في التوعّد فقال عزّ من قائل : (لَتَرَوُنَ) هذا كأنّه قسم ، وهو يعني أن (الْجَحِيمَ) تبدو يوم القيامة للكفرة قبل دخولها (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها) بعد الدخول إليها (عَيْنَ الْيَقِينِ) أي بالمشاهدة المؤكّدة التي لا تترك مجالا للشك بها إذ تدخلون إليها وتعذّبون بها (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) يعني ستسألون ـ يا كفّار مكة ـ عن شكر ما كنتم فيه من النعيم الذي هو من الله ثم عبدتم غيره وأشركتم به ، وعن قتادة : إن الله سائل كلّ ذي نعمة عمّا أنعم عليه ، وقيل عن نعيم المأكل والمشرب. وفي العياشي ـ في حديث طويل ـ قال : سأل أبو حنيفة أبا عبد الله عليهالسلام عن هذه الآية. فقال له : ما النعيم عندك يا نعمان؟ قال : القوت من الطعام والماء البارد. فقال : لئن أوقفك الله يوم القيامة بين يديه حتى