الناس (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها؟) أي أن المرء يقول متعجّبا من ذلك : ما للأرض تتزلزل ويحدث فيها ما لم يحدث قبل هذا؟ وقيل لا يقول ذلك إلّا الكافر فإن المؤمن موعود بذلك وهو معترف به ومنتظر له لأنه مصدّق بالبعث (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) أي تخبر بما جرى على ظهرها. وفي الحديث أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : أخبارها أن تشهد على كلّ عبد بما عمل على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا ، وهذا إخبارها. وبناء عليه يمكن أن يحدث الله تعالى فيها قوّة النّطق فتشهد بذلك ، وذلك (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) يعني أنها تحدّث بالأخبار قائلة إن ربّك يا محمد أوحى لها : ألهمها التحدث بالأخبار. وروى الواحدي مرفوعا إلى ربيعة الحرشي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : حافظوا على الوضوء ، وخير أعمالكم الصلاة. وتحفّظوا من الأرض فإنها أمّكم ، وليس فيها أحد يعمل خيرا أو شرّا إلّا وهي مخبرة به (يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة وزلزال الأرض (يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) يرجعون من موقف الحساب بعد العرض على ربّهم متفرّقين ، فأهل الإيمان وحدهم ، وأهل الكفر وحدهم ، وكل أمة وحدها. وهذا كقوله سبحانه : (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) ، وكقوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ)(لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) يعني ليروا ثواب أعمالهم أو عقابها ، أي أنهم يعودون إلى قصورهم في الجنّة فيرون جزاء ما قدّمت أيديهم من طاعات ، أو إلى مقاعدهم من جهنم فيرون جزاء ما كسبت أيديهم من معاصي. والإراءة هنا بالعين سواء برؤية الثواب أو العقاب ، أو برؤية صحائف الأعمال التي يقرءونها ويرون ما فيها من عملهم المسجّل عليهم (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) أي أن من يعمل خيرا يجد خير جزاء (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) يعني يجد عقاب ما عمله من السّيئات والقبائح. والتائب المنيب المقلع عن الذنب معفوّ عنه بفضل الله وحسن تجاوزه عن المذنبين.
* * *