الوحي أربعين يوما فقال المسلمون : ما ينزل عليك الوحي يا رسول الله؟ فقال : وكيف ينزل عليّ الوحي ، وأنتم لا تنقّون براجمكم ـ أي لا تنظّفون عقد أصابعكم التي يجتمع فيها الوسخ ـ ولا تقلّمون أظفاركم؟ ولمّا نزلت السورة الشريفة قال النبيّ (ص) لجبرائيل (ع) : ما جئت حتى اشتقت إليك؟ فقال جبرائيل (ع) : وأنا كنت أشد إليك شوقا ولكنّي عبد مأمور ، وما نتنزّل إلّا بأمر ربّك. وقيل إن اليهود سألوا رسول الله (ص) في هذه الفترة عن ذي القرنين وعن أصحاب الكهف وعن الروح ، فقال سأخبركم غدا ، ولم يقل إن شاء الله فاحتبس عنه الوحي هذه الأيام فاغتمّ لشماتة الأعداء ، فنزلت السورة تسلية لقلبه وقال سبحانه فيها : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى) أي أن ثواب الآخرة المعدّ لك خير ممّا في الدنيا الزائلة والحياة فيها ، ففي المجمع ان ابن عباس : أن له في الجنّة ألف ألف قصر من اللؤلؤ ، ترابه من المسك ، وفي كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم على أتمّ الوصف (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) أي سيمنحك من الشفاعة وأنواع الكرامة ما ترضى به. فعن محمد بن الحنفية أنه قال : يا أهل العراق تزعمون أن أرجى آية في كتاب الله عزوجل : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) إلخ ... وإنّا أهل البيت نقول : أرجى آية في كتاب الله : ولسوف يعطيك ربّك فترضى ، وهي والله الشفاعة ليعطينها في أهل لا إله إلّا الله حتى يقول : ربّ رضيت. وعن الإمام الصادق عليهالسلام : أن رسول الله (ص) دخل على فاطمة عليهاالسلام وعليها كساء من ثلة الإبل وهي تطحن بيدها وترضع ولدها فدمعت عينا رسول الله (ص) لمّا أبصرها ، فقال : يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقد أنزل الله عليّ : ولسوف يعطيك ربّك فترضى. وقال الصادق عليهالسلام أيضا : رضا جدّي أن لا يبقى في النار موحّد.
* * *
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (٧)