لِلْعُسْرى) أي سنخلّي بينه وبين الأعمال الموجبة للعذاب والعقوبة (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى) أي لا يفيده ماله إذا هلك ومات. وعن أبي جعفر عليهالسلام : وما يغني عنه ماله إذا تردّى : أما والله ما تردّى من جبل ، ولا تردّى من حائط ، ولا تردّى في بئر ، ولكن تردّى في نار جهنّم.
* * *
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١))
١٢ ـ آخر السورة : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ...) أي إن علينا بيان الهدى بالدلالة عليه وبإقدار الإنسان على الاختيار. فنحن نبيّن الطاعات والمعاصي بواسطة رسلنا لنقطع سبيل العذر (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) أي أن لنا أمرهما لأننا نملكهما ، ولذلك فإنه لا يزيد في ملكنا من اهتدى ، ولا ينقص منه من ضل وغوى ، ونحن لا نجبر أحدا إذ يبطل الثواب ، ولكننا نبيّن ونأمر ونزجر ولكلّ امرئ ما شاء من حسن أو سوء الاختيار لنفسه. ثم أورد تحذيره للمخالفين بقوله (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) أي فحذّرتكم وخوّفتكم نارا تستعر وتلتهب وتتوقّد ويزيد وهجها و (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) أي لا يلزمها ويدخلها فيكون دائما فيها إلّا الكافر بالله فإنه ليس بعد الكفر ذنب والكافر أشقى الأشقياء (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي كذّب بآيات الله ودلائله وانصرف عنها بتكذيب رسله ، وأعرض عن الإيمان (وَسَيُجَنَّبُهَا) أي يجنّب النار المتلظية ويحيّد عنها (الْأَتْقَى)