والخبيث والحلال والحرام (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) أي شديدا وأنتم مولعون به تحبّون كثرته وتحرصون عليه ولا تنفقون زكاته ولا تعطون يتيما ولا مسكينا ولا صاحب حاجة (كَلَّا) أي لا يكون الأمر كذلك ولو فعلتموه. و (كَلَّا) كلمة زجر وروع معناه : لا ، لا تفعلوا هكذا ، ولذلك خوّف سبحانه الناس عاقبة هذا الفعل بقوله : كلا (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) أي إذا زلزلت وانخسفت وتهدّم كل ما عليها ، وقيل إذا دقّت جبالها واستوى أديمها وزالت بيوتها وقصورها وصارت كالصحراء (وَجاءَ رَبُّكَ) أي جاء أمر ربّك وحكمه وقضاؤه في يوم القيامة حين يحاسب العباد. وقيل إذا جاءت آياته الهائلة التي تدل على قدرته وتكون من آثار وجوده الدالّ على حضوره بمعرفة وجوده وقدرته من دون ظهوره إلى الخلق إذ جلّ من أن يرى أو يتصوّر في الأوهام لأنه ليس بجسم ولا تحتويه الفكر. وإن زوال الشك في أنه هل هو موجود أم لا ، والإيمان بوجوده ، هو بمثابة مجيئه بعد رفع الشك بوجوده ... أجل ، فإذا جاء أمر ربّك (وَالْمَلَكُ) وكان الملائكة حينئذ (صَفًّا صَفًّا) حيث يكون أهل كل السماء صفّا وحده كما عن عطاء. وقيل إنهم يكونون سبعة صفوف محيطين بالأرض يأتي الصف الأول ثم الثاني فالثالث إلخ ... (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) يعني كشف عنها وأحضرت لمعاقبة من يستحقونها فيرى أهل الموقف جميعا أهوالها. وقد قال أبو سعيد الخدري : لمّا نزلت هذه الآية تغيّر وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله وعرف في وجهه حتى اشتدّ على أصحابه ما رأوا من حاله. (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) أي يوم يجاء بجهنم يتّعظ الإنسان الكافر ويعتبر ويتوب (وَ) لكن (أَنَّى لَهُ الذِّكْرى؟) أي ومن أين له أن ينفعه التذكّر والاعتبار والتوبة ، وقد كان ينبغي له أن يتذكّر ويعتبر في دار الدنيا ، وأن يتوب عمّا جناه على نفسه ويعمل لآخرته لينجو من النار وغضب الجبّار ، وهو الآن يقول : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) أي يتمنّى لو أنه عمل بالطاعات وفعل الصالحات لحياته الأبديّة أي للحياة