أعمالهم قد قبلت راضية مرضيّة ، وقيل بل هي في (سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) كما قيل إنها (الجنة) بالذات ، وعلى كل حال فإنها في ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية بعد ارتفاعها لأنها شملتها رحمة الله ولطفه وكرمه. وعن البراء بن عازب عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : في علّيين : في السماء السابعة تحت العرش (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) وهذا تعظيم لشأن تلك المنزلة السامية وإشارة إلى أن عظمتها لا تمكن الإحاطة بها ، ثم وصف ذلك الكتاب بقوله : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) أي مسجّل فيه جميع أعمالهم الصالحة وطاعاتهم وفيه ما يسرّهم بخلاف كتاب الفجّار الذي فيه ما يسوؤهم ، فقد رقم وختم لهم فيه بالخير في ساق العرش بدليل قوله تعالى : (يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) يعني يحضره ويشهد عليه الملائكة المقرّبون. وفي المجمع أن عبد الله بن عمر قال : إن أهل علّيين لينظرون إلى أهل الجنّة من كذا ، فإذا أشرف رجل منهم أشرقت الجنّة وقالوا : قد اطّلع علينا رجل من علّيّين (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) أي أنهم في أنواع من النعمة ، وفي ملاذّ من الجنّة وهم (عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) أي يجلسون على الحجال والسّرر والكراسي الوثيرة ويتأمّلون ما منحهم الله من النّعم والعطايا الكريمة (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) يعني إذا شاهدتهم عرفت أنهم من أهل النعمة لأن وجوههم تطفح نورا وسرورا وبهجة وجمالا لا يستطيع الإنسان وصفهم ، وهم (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) أي يشربون خمرا صافية خالية من الغش ختمت برائحة المسك ومنع فضّ ختمها حتى يفضه الأبرار (خِتامُهُ مِسْكٌ) آخر طعمه ريح المسك. وقيل ختم الإناء بالمسك بدلا عن الطين وغيره وقد قال أبو الدرداء : هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم ، ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل إصبعه فيه ثم أخرجه ، لم يبق ذو روح إلّا ونال طيبها (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) أي ففي مثل هذه النعمة يتبارى المتبارون ، ويتنازع المتنازعون السّبق إليه ، وفي الحديث : من صام في يوم صائف ، سقاه الله على