وبين أقربائه وتشغله عنهم كما تشغلهم عنه ، ومعنى (يُغْنِيهِ) هنا : يكفيه لأن الحال التي هو فيها قد أحاطت به فجعلته غنيّا عن طلب الزيادة منها. وروي عن عطاء عن سودة زوجة النبيّ صلىاللهعليهوآله قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يبعث الناس عراة حفاة غرلا يلجمهم العرق ويبلغ شحمة الآذان. قالت : قلت يا رسول الله وا سوأتاه! ينظر بعضنا إلى بعض؟ قال : شغل الناس عن ذلك ، وتلا رسول الله : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ... أمّا حالة الناس في ذلك اليوم فقسّمها سبحانه قائلا : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) أي تكون بعض الوجوه في ذلك اليوم مشرقة منيرة قد تألق نورها وإشراقها ، فهي (ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) مسرورة فرحة تتباشر بالثواب الذي أعدّه لها الله تبارك وتعالى (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ) أي عليها سواد وهمّ ظاهر وكآبة (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) أي يغشاها سواد وانكساف عند مشاهدة النار وما أعدّه الله لها من العذاب. وقيل إن الغبرة ما نزلت من السماء إلى الأرض ، والقترة ما صعدت من الأرض إلى الجو (أُولئِكَ) أي أصحاب تلك الوجوه (هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) الذين كفروا بالدّين وكانت أفعالهم فاجرة متجاوزة لحدود الله سبحانه وتعالى.
* * *