الأولى التي هي صيحة عظيمة ترجف منها الأرض وتنخلع لها الأفئدة فتموت جميع الخلائق ، ثم تتبعها الرادفة : النفحة الثانية التي تردف الأولى أي تتبعها فتبعث الخلائق من جديد ، وهو كقوله تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ)(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) أي خائفة أعظم خوف ، مضطربة أشد اضطراب (أَبْصارُها خاشِعَةٌ) وذليلة من أهوال ذلك اليوم (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) أي يقول الكافرون المنكرون للبعث ، هل إننا معادون أحياء بعد الموت ، ونردّ إلى حالنا السابقة. والحافرة معناها : أول الشيء وابتداء الأمر ، وقال ابن عباس : هي الحياة الثانية ، وقيل إن الحافرة هي الأرض المحفورة ، وعلى هذا الأساس يكون معنى كلامهم : أنردّ بعد الموت من قبورنا (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) أي وبعد أن نصير عظاما بالية مفتّتة؟ (قالُوا : تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أي قال الكافرون : هذه الرجعة بعد الموت رجعة خسران حيث نقلنا من نعيم الحياة الدنيا إلى عذاب النّار في الحياة الآخرة. (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) أي : ليست النفخة الأخيرة إلّا صيحة من إسرائيل عليهالسلام يزجرهم بها فيسمعونها وهم في بطن الأرض فيعودون أحياء (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) أي : وفجأة يكونون على وجه الأرض وقد سمّيت الساهرة لأنها تعمل في تغذية النبات ليلا كما تعمل في النهار. وقيل إن الساهرة هي عرصة يوم القيامة حيث يقف الناس في سهر دائم ولا يستطيعون النوم.
* * *
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ