حمّلتك من أعباء الرسالة ، واصبر (لِحُكْمِ رَبِّكَ) تقديره بأن تبلّغ الكتاب وتعمل بما فيه وتأمر الآخرين بذلك ، ثم اصبر على التكذيب والأذى أيضا ، وقيل إن قوله هذا سبحانه وعيد للمكذّبين بدليل قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ) أي من المشركين في مكة (آثِماً) مرتكبا للإثم عنى به عتبة بن ربيعة (أَوْ كَفُوراً) عنى به الوليد بن المغيرة ، وذلك أن هذين المعاندين قالا لرسول الله صلىاللهعليهوآله : ارجع عن هذا الأمر ونحن نعطيك من المال حتى ترضى ونزوّجك بمن شئت من كرائم النساء ، وقيل إن الكفور هو أبو جهل الذي نهى النبيّ عن الصلاة في حرم الكعبة وقال : لئن رأيت محمدا يصلّي لأطأنّ عنقه فنزلت الآية ، وقيل أيضا إن هذا عامّ يشمل كل كافر عاص فلا تطع يا محمد من يدعوك للإثم والكفر (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) امض على طيّتك من العبادة والدعاء ودعوة الناس إلى الهدى (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) في أول النهار وآخره ، وهو معينك وناصرك (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ) أي بعض الليل لأن (مِنَ) للتبعيض لأنه لم يأمره بالقيام للصلاة طول الليل (وَسَبِّحْهُ) نزّه الله تعالى (لَيْلاً طَوِيلاً) طول الليل تطوّعا في حال انتباهك ويقظتك.
* * *
(إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧) نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٣١)
٢٧ ـ الى آخر السورة : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ ...) أي أن هؤلاء