كل نفس تكون لوّامة لصاحبها يوم القيامة ، فالنفس البارّة تلوم صاحبها على عدم الازدياد في عمل الخير ، والنفس الفاجرة تلوم صاحبها على فعل الشر ، وكلّ نفس تلوم على ما مضى حتى في كثير من أفعال الدنيا. والسؤال : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ ...) سؤال إنكار على الكافرين بالبعث ، لا سؤال استفهام ، لأنه سبحانه قادر على البعث الذي كنّى عنه بجمع العظام بعضها الى بعض (بَلى) أي : نعم (قادِرِينَ) نحن (عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) نؤلّف بينها حتى تستوي ، وتعود كما كانت من كبار العظام وصغارها ، نقدر على ذلك ولا يعجزنا هذا الأمر. و (قادِرِينَ) نصب على الحال بتقدير : بلى نجمعها قادرين على ذلك ، والعامل في الحال محذوف لدلالة ما تقدّم عليه كما في قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً) ، أي فصلّوا رجالا.
* * *
(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (٥) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩) يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (١٠) كَلاَّ لا وَزَرَ (١١) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥))
٥ ـ ١٥ ـ (بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ ...) هذا إخبار من الله تبارك وتعالى عمّا في علمه من شأن الإنسان وهو اعلم بما خلق إذ يقول : إن الإنسان الكافر يريد أن يمضي قدما في المعاصي ، راكبا عناده بحيث لا