وحلول العقاب بهم أمرا بعيدا مستبعدا لأنهم لا يؤمنون بصحته (وَنَراهُ قَرِيباً) ونحن نرى حلوله قريبا إذ كلّ آت قريب ... ثم شرع سبحانه في وصف يوم القيامة فقال عزّ من قائل :
* * *
(يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤))
٨ إلى ١٠ ـ (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ...) أي يوم تصير السماء كورديّ الزيت ـ العكر ـ وهو ما يبقى راسبا في أسفل الزيت من الكدر ، وقيل كعكر القطران أو كالفضّة أو النحاس المذابين (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) أي تصير كالصوف المصبوغ المنفوش. وقال الحسن : إنها أولا تصير كثيبا مهيلا ، ثم تصير عهنا منفوشا ، ثم تصير هباء منثورا (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) أي لا يطلب صاحب من صاحب يرأف به أو يشفع له أو يدفع عنه لانشغال كل واحد بنفسه. والحميم من تختصّه بمودّتك واشفاقك قريبا كان في الرحم أو بعيدا.
١١ إلى ١٤ ـ (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي ...) بعد أن بيّن سبحانه أن الحميم لا يتعاطى مع حميمه لانشغاله بنفسه وبما هو فيه ، قال : يبصّرونهم : أي يشاهد الكفّار بعضهم بعضا ليعرفوا سوء مآلهم