المشركون والكافرون (وَ) كذلك فإن العزّة (لِلْمُؤْمِنِينَ) بأن يجعلهم سبحانه منصورين على أعدائهم متفوّقين عليهم ، وقد حقق تعالى ذلك بأن فتح عليهم مشارق الأرض ومغاربها (وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) فهم جاهلون يظنون أنهم أعزّة ، وهم بالحقيقة أذلّة صاغرون. وقد نزلت هذه الآيات في عبد الله بن أبيّ المنافق الذي غضب بعد وقعة بني المصطلق وقال بعد خلاف مولى من المهاجرين مع مولى من الأنصار على الماء وكان قد انحاز لأحدهما وهو فقير ، قال : سمّن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل ، يعني أنه هو الأعز ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوآله هو الأذل. ثم التفت إلى قومه وقال لهم : هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام ، لم يركبوا رقابكم ولأوشكوا أن يتحوّلوا من بلادكم ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم. فقال زيد بن أرقم : أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك ، ومحمّد (ص) في عزّة من الرّحمان ومودّة من المسلمين. ومشى زيد بن أرقم إلى رسول الله (ص) فأخبره بذلك ، فأرسل بطلب عبد الله بن أبي المنافق فقال : ما هذا الذي بلغني عنك؟ فقال : والذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئا من ذلك قط ، وإن زيدا لكاذب. وقال من حضر من الأنصار : يا رسول الله ، شيخنا وكبيرنا لا تصدّق عليه كلام غلام من غلمان الأنصار. فعذره رسول الله (ص) ولما عاد رسول الله لقيه أسيد بن الحضير فحيّا الرسول وسأله عن التبكير في العودة فقال : أوما بلغك ما قال صاحبكم؟ زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعزّ منها الأذل. فقال أسيد : فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت ، هو والله الذليل وأنت العزيز. ثم قال : يا رسول ارفق به فو الله لقد جاء الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه ملكا عليهم ، وإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا. وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه ، فأتى رسول الله وقال : قد بلغني أنك تريد قتل