تحاربون أعداء الدّين (بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) فتبذلون بطريق الحقّ كلّ غال ونفيس (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) في الآخرة لعظيم ثوابه عند الله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي إن كنتم تقدّرون ما عرضته لكم حقّ قدره. فالتجارة التي أدلّكم عليها خير من التجارة التي تشتغلون بها وأكثر ربحا لأن جزاءها من النّعيم لا ينتهي ولا يفنى كتجارتكم الدنيويّة التي قد يذهب ربحها ويبيد ، فعليكم أن تتخيروا وتختاروا تجارة الآخرة على تجارة الدنيا إن علمتم الفرق بين منافع هذه ومنافع هذه ، وإنكم إن فعلتم ذلك (يَغْفِرْ لَكُمْ) ربّكم (ذُنُوبَكُمْ) بأن يمحوها ويتجاوز عنها (وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) هذه صفتها الدائمة التي لا تزول (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً) يسكنكم فيها وهي مستطابة هنيئة (فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) حيث تتنعّمون إلى أبد الأبد (ذلِكَ الْفَوْزُ) الظّفر والنّجاح (الْعَظِيمُ) الذي لا يعلوه ولا يفوقه شيء (وَأُخْرى تُحِبُّونَها) أي وأدلّكم على تجارة ثانية أو عمل ثان ترغبون فيه في العاجلة وهي (نَصْرٌ مِنَ اللهِ) في الدنيا وظفر على أعدائكم (وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) لبلادهم حيث تدخلونها منتصرين عليهم. وقيل إن فيه إشارة لفتح فارس والروم وغيرهما من البلاد التي وصلت إليها الفتوحات الإسلامية (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أي بلّغهم يا محمد هذه البشارة بالثواب الآجل وبالثواب العاجل.
* * *
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (١٤))