أزواجهنّ أو من الآخرين (وَلا يَزْنِينَ) أي لا يرتكبن فاحشة الزّنى (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) لا بالإسقاط ولا بالوأد ولا غيرهما (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ) أي لا يكذبن في مولود يوجد (بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) ولا يلحقنه بأزواجهنّ وهو ليس منهم. فقد روي أن المرأة في الجاهلية كانت تلتقط المولود من غير زوجها ثم تقول له هذا ولدي منك ، فذلك هو البهتان الذي كنّ يفترينه. وقوله سبحانه (بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) فإنه صورة واقعيّة لأن الولد إذا وضعته أمّه حين الولادة يسقط بين يديها ورجليها. ثم أكمل عزّ اسمه شروط المبايعة فقال : (وَلا يَعْصِينَكَ) يا محمد (فِي مَعْرُوفٍ) تأمر به لأنك لا تأمر إلّا بالبرّ والتقوى وطاعة الله (فَبايِعْهُنَ) يا محمد على تلك الشروط (وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ) أي أطلب العفو وغفران ذنوبهنّ (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) متجاوز عنهنّ رحيم بهن. وكانت في بيعة النساء هند بنت عتبة متنكّرة فلما شرط رسول الله صلىاللهعليهوآله أن (لا يَسْرِقْنَ) قالت : إن أبا سفيان رجل ممسك وإني أصبت من ماله هنات ، فقال أبو سفيان : ما أصبت من مالي فهو لك حلال فابتسم رسول الله (ص) وقال لها : وإنك لهند؟ قالت : نعم ، فاعف عمّا سلف يا نبيّ الله عفا الله عنك. وحين قال : (وَلا يَزْنِينَ) فقالت هند من بين النساء : أوتزني الحرة يا رسول الله؟ فضحك عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة ، في تفصيل لتلك البيعة تجده في الكتب المفصّلة.
أما كيفيّة البيعة فإنها ما مسّت يد النبيّ (ص) يد امرأة قط ، بل دعا بطست مملوء بالماء غمس يده الشريفة فيه وغمسن أيديهنّ فيه ... ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال عزّ من قائل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) وهم اليهود ، فإن بعض فقراء المسلمين كانوا ينقلون أخبار المسلمين لهم ويستفيدون منهم فنهوا عن ذلك. فإن اليهود (قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ) أي ليس لهم أمل بثوابها (كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ