صنعاء ، ودون ذلك ، حتى أن من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلا موضع قدميه. (وَبِأَيْمانِهِمْ) يعني كتب أعمالهم يأخذونها بأيمانهم ثم يبشّرون فتقول لهم الملائكة : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) باقين مؤبّدا وقد مرّ تفسير مثلها (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) أي أن هذا هو الظّفر والنجاح والحصول على المطلوب على أكمل وجه يتمّناه الناس في الآخرة. وبعد هذا البيان لحال المؤمنين في يوم القيامة قال جلّ جلاله : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا) بعد أن يروا ما هم عليه من النور والبشرى والنعيم : (انْظُرُونا) أي اصبروا نلحق بكم و (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) أي مهلا حتى نستضيء بنوركم ونتخلّص من هذه الظّلمات (قِيلَ) للكافرين : (ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) أي عودوا إلى المحشر حيث كنتم وحيث خلع الله تعالى علينا هذا النور وهذا البهاء (فَالْتَمِسُوا) هناك (نُوراً) تستضيئون به ، فيرجعون فلا يجدون شيئا. وقيل إن المراد من قول المؤمنين لهم (ارْجِعُوا) أي ارجعوا إلى الدنيا واعملوا بالطاعات كما عملنا ليحصل لكم مثل نورنا الذي حملناه بالإيمان (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ) أي أقيم بين المؤمنين والكافرين سور ، أي جدار حاجز عال يحول بينهم. والباء في (بِسُورٍ) زائدة وهذا مثل قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ، أي ليس ظلاما. وذلك السور يقام بين الجنّة والنار يفصل بين الفريقين (لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ) أي من جهة ذلك الظاهر العذاب أي جهنم كما أن الرحمة من جهة الجنّة (يُنادُونَهُمْ) أي أن المنافقين ينادون المؤمنين قائلين : (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) ألم نكن سوية في الحياة الدنيا نفعل ما تفعلون من صيام وقيام وغيرهما؟ (قالُوا بَلى) هذا جواب المؤمنين ، أي : نعم كنتم كذلك (وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي غششتم أنفسكم وأخذتم بفتنة النّفاق ورجعتم عن الإسلام (وَتَرَبَّصْتُمْ) أي انتظرتم بمحمد (ص) الموت حتى تخلصوا منه وتستريحوا ممّا جاءكم به من عند ربه ، أو تربّصتم به