(وَ (١) اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ)(٢)» والشجرة : إبراهيم ، ثم وصف إبراهيم بقوله : «لا شرقيّة ولا غربيّة» أي : لا يصلي قبل المشرق ولا قبل المغرب كاليهود والنصارى ، بل كان عليهالسلام (٣) يصلي إلى الكعبة (٤) ، ثم قال : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) لأن الزيت إذا كان خالصا ثم رئي (٥) من بعيد يرى كأن له شعاعا ، فإذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوئه كذلك.
قال ابن عباس : «يكاد قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم ، فإذا جاءه العلم ازداد نورا على نور ، وهدى على هدى». وقال الضحاك : «يكاد محمد يتكلم بالحكمة قبل الوحي» (٦). قال عبد الله بن رواحة :
٣٨٣٤ ـ لو لم تكن فيه آيات مبينة |
|
كانت بديهته تنبيك بالخبر (٧) |
وقال محمد بن كعب القرظي : المشكاة : إبراهيم ، والزجاجة : إسماعيل والمصباح محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سماه الله مصباحا كما سماه سراجا فقال (وَسِراجاً مُنِيراً)(٨)(يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) وهي إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وسماه مباركا ، لأن أكثر الأنبياء من صلبه (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أي لم يكن إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ، ولكن كان حنيفا ، لأن اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) يكاد محاسن محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تظهر للناس من قبل أن يوحى إليه ، (نُورٌ عَلى نُورٍ) نبي من نسل نبي (نور محمد على نور إبراهيم (٩)) (١٠).
قوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ) خبر (١١) مبتدأ مضمر أي : ذلك نور (١٢) ، و (١٣) «على نور» صفة ل «نور». والمعنى : أن القرآن نور من الله ـ عزوجل ـ لخلقه مع ما أقام لهم من الدلائل والأعلام قبل نزول القرآن ، فازدادوا بذلك نورا (١٤) على نور (١٥). (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ).
قال ابن عباس : «لدين الإسلام ، وهو نور البصيرة». وقيل : القرآن. (قال إن
__________________
(١) و : سقط من ب.
(٢) [النساء : ١٢٥].
(٣) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٣٨.
(٥) في الأصل : ثم رأى. في ب : ثم إذا رأى. والصواب ما أثبته.
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٣٨.
(٧) البيت من بحر البسيط قاله عبد الله بن رواحة وهو في الفخر الرازي ٢٣ / ٢٣٨.
(٨) من قوله تعالى : «وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً» [الأحزاب : ٤٦].
(٩) انظر البغوي ٦ / ١١٨ ـ ١١٩.
(١٠) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١١) في ب : خبرا. وهو تحريف.
(١٢) انظر الكشاف ٣ / ٧٧ ، التبيان ٢ / ٩٧٠.
(١٣) و : سقط من ب.
(١٤) في ب : نور. وهو تحريف.
(١٥) انظر البغوي ٦ / ١٢٠.