للدلالة على قوة الفعل ، فالسخري أقوى من السخر ، كما قيل (١) في الخصوص خصوصية دلالة على قوة ذلك. قال معناه الزمخشري (٢).
فصل
اعلم أنه تعالى قرعهم بأمر يتصل بالمؤمنين قال مقاتل (٣) : إن رؤس قريش مثل أبي جهل ، وعاقبة وأبي بن خلف ، كانوا يستهزؤن بأصحاب محمد ، ويضحكون بالفقراء منهم ، كبلال ، وخباب ، وعمار ، وصهيب ، والمعنى : اتخذتموهم هزوا (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ) بتشاغلكم بهم على تلك الصفة (ذكري وكنتم منهم تضحكون) (٤) ونظيره : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)(٥) ثم إنه تعالى ذكر ما يوجب أسفهم وخسرانهم بأن وصف ما جازى به أولئك فقال : (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) أي : جزيتهم اليوم الجزاء الوافر.
قوله : (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) قرأ الأخوان بكسر الهمزة (٦) ، استئنافا (٧).
والباقون بالفتح (٨) ، وفيه وجهان :
أظهرهما : أنّه تعليل فيكون نصبا بإضمار الخافض أي : لأنهم هم الفائزون ، وهي موافقة للأولى فإنّ الاستئناف يعلل به أيضا (٩).
والثاني : قاله الزمخشري ، ولم يذكر غيره ، أنه مفعول ثان ل «جزيتهم» أي : بأنهم أي : فوزهم(١٠) وعلى الأوّل يكون المفعول الثاني محذوفا (١١).
قوله تعالى : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ
__________________
(١) قيل : سقط من الأصل.
(٢) قال الزمخشري : (السّخريّ بالضم والكسر مصدر سخر كالسخر إلّا أنّ في ياء النسب زيادة قوة في الفعل كما قيل الخصوصية في الخصوص) الكشاف ٣ / ٥٧.
(٣) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٦.
(٤) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٦.
(٥) [المطففين : ٢٩].
(٦) السبعة (٤٤٨ ـ ٤٤٩) ، الحجة لابن خالويه (٢٥٩) ، الكشف ٢ / ١٣١ ـ ١٣٢ ، النشر ٢ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠ ، الإتحاف ٣٢١.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ٥٧ ، التبيان ٢ / ٩٦١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢٤.
(٨) انظر البيان ٢ / ١٨٩ ، التبيان ٢ / ٩٦١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢٤.
(٩) فهي موافقة للأولى من جهة المعنى لا من جهة الإعراب ، لاضطرار المفتوحة إلى عامل.
(١٠) قال الزمخشري : (والفتح على أنّه مفعول «جزيتهم» كقولك : جزيتهم فوزهم) الكشاف ٣ / ٥٧. وانظر أيضا : التبيان ٢ / ٩٦١.
(١١) تقديره : الجنة والرضوان. انظر البحر المحيط ٦ / ٤٢٣.