وقيل : إنه (١) لا مثل له في عظم أمره ، وذلك لقتال الملائكة فيه.
والقول الأول أولى لأنه لا يجوز أن يقال : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ويكون المراد إلى يوم بدر ، لأن من المعلوم أنهم في مرية بعد يوم بدر (٢).
فإن قيل : لمّا ذكر الساعة ، فلو حملتم اليوم العقيم على يوم القيامة لزم التكرار.
قلنا : ليس كذلك لأن الساعة مقدمات القيامة ، واليوم العقيم كما مر (٣) نفس ذلك اليوم على أن الأمر لو كان كما قال لم يكن تكرارا ، لأن في الأول ذكر الساعة ، وفي الثاني ذكر عذاب ذلك اليوم(٤).
وإن أريد بالساعة وقت الموت ، وبعذاب يوم عقيم القيامة فالسؤال زائل (٥).
قوله : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) ، وهذا من أقوى ما يدل على أن اليوم العقيم هو هذا اليوم ، وأراد أنه لا مالك (٦) في ذلك اليوم سواه. و «يومئذ» منصوب بما تضمنه «لله» من الاستقرار ، لوقوعه خبرا (٧). و «يحكم» يجوز أن يكون حالا من اسم الله ، وأن يكون مستأنفا (٨) ، والتنوين في «يومئذ» عوض من جملة ، فقدرها الزمخشري : يوم يؤمنون. وهو لازم لزوال المرية ، وقدره أيضا : يوم نزول مريتهم (٩).
ثم بيّن تعالى كيف يحكم بينهم وأنه يصير المؤمنين إلى جنات النعيم والكافرين إلى عذاب مهين.
قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) مبتدأ ، وقوله : «فأولئك» وما بعده خبره ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط بالشرط المذكور (١٠) ، و «لهم» يحتمل أن يكون خبرا عن «أولئك» و «عذاب» فاعل به لاعتماده على المخبر عنه. وأن يكون خبرا مقدما وما بعده مبتدأ ، والجملة خبر «أولئك»(١١).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ
__________________
(١) في ب : إنه الذي.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٥٧.
(٣) كما مر : سقط من ب.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٥٧.
(٥) في ب : أوائل. وهو تحريف.
(٦) في ب : لا ملك. وهو تحريف.
(٧) انظر التبيان ٢ / ٩٤٦.
(٨) المرجع السابق.
(٩) الكشاف ٢ / ٣٨ ، والتقدير الثاني أولى.
(١٠) يجوز دخول الفاء في الخبر إذا كان المبتدأ اسما موصولا بشرط أن يكون عاما ، وأن تكون صلته جملة من فعل وفاعل أو ظرف أو جار ومجرور نحو الذي يأتيني فله درهم ، والذي عندي فمكرم. وقد تقدم الحديث عن اقتران الخبر بالفاء في سورة مريم عند الآية (٦٥). وانظر التبيان ٢ / ٩٤٦.
(١١) إذا وقع بعد الظرف أو الجار والمجرور مرفوع فإن تقدمها نفي نحو ما في الدار أحد ، أو استفهام نحو أفي الدار زيد ، أو موصوف نحو مررت برجل معه صقر ، أو موصول نحو جاء الذي في الدار أبوه ، أو صاحب كالآية التي معنا ، ونحو زيد عندك أخوه ، أو حال نحو مررت بزيد عليه جبة ففي المرفوع ثلاثة مذاهب : ـ