بأنّهم أظلم ممّن جاء بعدهم سالكا طريقتهم ، وهذا يؤول معناه إلى السبق في المانعية ، والافترائية (١).
ـ (٢) [(الثالث): ـ و] (٢) ادّعى الشيخ أبو حيان [أنه] (٣) الصواب ـ [إذ المقصود] (٤) نفي الأظلمية لا يستدعي نفي الظالمية ، لأنّ نفي المقيّد لا يدلّ على نفي المطلق ، فلو قلت : ما في الدار رجل ظريف ، لم يدلّ ذلك على نفي مطلق رجل ، وإذا لم يدل على نفي الظالميّة لم يلزم التناقض لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية ، وإذا ثبتت التسوية في الأظلمية لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر ، لأنّهم يتساوون في الأظلمية ، وصار المعنى : لا أحد أظلم ممن [افترى وممن كذب] (٤) ونحوها ، ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية ، ولا يدلّ على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر ، كما (٥) أنك إذا قلت : لا أحد أفقه [من زيد وعمر وخالد ، لا يدلّ على أن أحدهم أفقه من الآخر ، بل نفى أن يكون أحد أفقه] (٦) منهم.
لا يقال : إن من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ولم يفتر على الله كذبا أقلّ ظلما ممّن جمع بينهما ، فلا يكون مساويا في الأظلمية! لأنا نقول : هذه الآيات كلّها إنما هي في الكفّار ، فهم متساوون في الأظلمية ، وإن اختلفت طرق الأظلمية ، فهي كلها صائرة إلى الكفر ، وهو شيء واحد ، لا يمكن فيه الزيادة بالنسبة لإفراد من اتصف به ، وإنّما تمكن الزيادة في الظلم بالنسبة لهم ، وللعصاة المؤمنين ، بجامع ما اشتركوا فيه من المخالفة ، فتقول : الكافر أظلم من المؤمن ، وتقول : لا أحد أظلم من الكافر [٢٦٣ / أ] ؛ ومعناه أن ظلم الكافر يزيد على ظلم غيره» (٧). انتهى.
وقال بعض مشايخنا : لم يدّع القائل نفي الظالميّة ، فيقيم الشيخ الدليل على ثبوتها ،
__________________
(١) وقال أبو حيان بعد هذه العبارة (وهذا كله بعد عن مدلول الكلام ووضعه العربي ، وعجمة في اللسان يتبعها (استعجام المعنى).
(٢) ليست في المخطوطة ، والشيخ أبو حيان هو صاحب «البحر المحيط» محمد بن يوسف أثير الدين تقدم التعريف به في ١ / ١٣٠.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) ليست في المخطوطة ، وعبارة المخطوطة (لا أحد أظلم ممن ذكره).
(٥) في المخطوطة (ولأنك إذا قلت).
(٦) هذه العبارة ليست في الأصول ، وأثبتناها من «البحر المحيط» لأن المعنى لا يستقيم بدونها.
(٧) هنا ينتهي النقل عن أبي حيان في تفسيره «البحر المحيط».