وقال الراغب (١) : «لعل» طمع وإشفاق. وذكر بعض المفسرين أن «لعل» من الله واجبة ، وفسّر في كثير من المواضع ب «كي» (٢) وقالوا : إن الطمع والإشفاق لا يصح على الله [تعالى]. قال : ولعلّ ـ وإن كان طمعا ـ فإن ذلك يقتضي في كلامهم تارة طمع المخاطب ، [وتارة طمع المخاطب] (٣) ، وتارة طمع غيرهما ، فقوله تعالى : (لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ) (الشعراء : ٤٠) ، فذلك طمع منهم في فرعون. وفي قوله : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (طه : ٤٤) ، [إطماع موسى وهارون ، ومعناه : قولا له قولا لينا راجيين أن يتذكر أو يخشى] (٣). وقوله : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ) (هود : ١٢) ، أي تظنّ بك الناس. وعليه قوله تعالى : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) (الشعراء : ٣) ، وقوله : (وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الأنفال : ٤٥) ، أي راجين الفلاح. كما قال : (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ) (٤) (الإسراء : ٥٧).
وزعم بعضهم بأنها لا تكون للترجي إلا في الممكن ، لأنه انتظار ، ولا ينتظر إلا [في] (٥) ممكن ؛ فأمّا قوله تعالى : ([لَعَلِّي] (٥) أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ...) (غافر : ٣٦) الآية ، فاطلاع فرعون إلى الإله مستحيل ، وبجهله اعتقد إمكانه ، لأنه يعتقد في الإله الجسمية والمكان ، تعالى الله عن ذلك!
الثاني : للتعليل كقوله تعالى : (فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام : ١٥٥). (وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (النحل : ١٥) ، أي كي. وجعل منه ثعلب : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ) (طه : ٤٤) ، أي «كي» ، حكاه عنه صاحب «المحكم» (٦).
الثالث : الاستفهام ، كقوله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) (الطلاق : ١) (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) (عبس : ٣).
__________________
(١) انظر قوله في «المفردات» ص ٤٥١ كتاب اللام ، لعل.
(٢) تصحفت في المخطوطة والمطبوعة إلى (بلا) ، والتصويب من عبارة الراغب.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) كذا في المخطوطة ، وفي المطبوعة (يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) البقرة : ٢١٨ ، وعبارة المخطوطة هي الموافقة لما جاء في «المفردات» ، وهنا ينتهي نقل الزركشي عن الراغب.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) هو ابن سيده علي بن أحمد بن إسماعيل تقدم التعريف به وبكتابه «المحكم» في ١ / ١٥٩.