وقد يصدق الكذوب. أو للتقليل لمتعلّق [الفعل] (١) ، كقوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) (النور : ٦٤) أي ما هم عليه هو أقلّ معلوماته سبحانه.
وقال الزمخشري (٢) : «هي للتأكيد (٣) ، وقال : إنّ [«قد»] (٤) إن دخلت على المضارع كانت بمعنى «ربما» ، فوافقت «ربما» في خروجها إلى معنى التكثير ؛ والمعنى : إن جميع السموات والأرض مختصا به خلقا وملكا وعلما ، فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين»! وقال في سورة الصف (٥) : [في قوله تعالى : (يا قَوْمِ] (٦) لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) (الآية : ٥) : [قد] معناها التوكيد ، كأنه قال تعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه».
ونصّ ابن مالك (٧) على أنها كانت للتقليل صرفت المضارع إلى الماضي. وقد نازع بعض المتأخرين [٣٠٢ / أ] في أن «قد» تفيد التقليل ، مع أنه مشهور ونص عليه الجمهور ، فقال : قد تدلّ على توقع الفعل عمّن أسند إليه ، وتقليل المعنى لم يستفد من «قد» بل لو قيل : البخيل يجود والكذوب يصدق ، فهم منه التقليل ؛ لأن الحكم على من شأنه البخل بالجود ، وعلى من شأنه الكذب بالصدق ، إن لم يحمل ذلك على صدور ذلك قليلا ، كان الكلام كذبا ؛ لأن آخر يدفع أوله.
وأما التكثير فهو معنى غريب ؛ وله من التوجيه نصيب ، وقد ذكره جماعة من المتأخرين.
وجعل منه الزمخشري (٨) : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) (البقرة : ١٤٤). وجعلها غيره للتحقيق. وقال ابن مالك : إن المضارع هنا بمعنى الماضي ، أي قد رأينا.
وأما التحقيق فترد لتحقيق وقوع المتعلّق مع المضارع والماضي ، لكنه قد يرد والمراد به
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ٥٩ ، آخر سورة النور والمفصّل : ٣١٧.
(٣) في المخطوطة (للتحقيق).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) الكشاف ٣ / ٩٣.
(٦) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٧) هو محمد بن عبد الله بن مالك تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١.
(٨) في الكشاف ١ / ١٠٠.