ومن الدّليل على دخول ما بعدها فيما قبلها ؛ قوله صلىاللهعليهوسلم : «كلّ شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس» (١). وقوله : «أريت كلّ شيء حتى الجنة والنار» (٢).
وقال الكواشي (٣) في «تفسيره» : الفرق بينهما أنّ «حتى» تختص بالغاية المضروبة ، ومن ثمّ جاز : أكلت السمكة حتى رأسها ، وامتنع «حتى نصفها» أو «ثلثها» و «إلى» عامّة في كل غاية. انتهى.
ثم الغاية تجيء عاطفة ؛ وهي للغاية كيف وقعت ؛ إمّا في الشرف ، كجاء القوم حتى رئيسهم ، أو الضعة ، نحو «استنّت الفصال حتى القرعى» (٤).
أو تكون جملة من القول على حال هو آخر الأحوال المفروضة أو المتوهّمة ، بحسب ذلك الشأن ؛ إمّا في الشدة ، نحو : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ) (البقرة : ٢١٤) إذا أريد حكاية الحال ؛ ولو لا ذلك لم تعطف الجملة الحالية ، على الجملة الماضية. فإن أريد الاستقبال لزم النصب.
وإما في الرّخاء ، نحو شربت الإبل حتى يجيء البعير يجرّ بطنه ، على الحكاية.
ولانتهاء الغاية ، نحو : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر : ٥) ، (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ) (البقرة : ٢٣٥).
__________________
(١) أخرجه من حديث عبد الله بن عمر ، مسلم في الصحيح ٤ / ٢٠٤٥ ، كتاب القدر (٤٦) ، باب كل شيء بقدر (٤) ، الحديث (١٨ / ٢٦٥٥).
(٢) قطعة من حديث أسماء بنت أبي بكر رضياللهعنهما وأوله «أتيت عائشة وهي تصلي فقلت ما شأن الناس ...» أخرجه البخاري في الصحيح ١ / ١٨٢ ، كتاب العلم (٣) ، باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس (٢٤) ، الحديث (٨٦). وأخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٦٢٤ ، كتاب الكسوف (١٠) ، باب ما عرض على النبي صلىاللهعليهوسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار (٣) ، الحديث (١١ و ١٢ / ٩٠٥).
(٣) هو أحمد بن يوسف تقدم التعريف به في ١ / ٢٧٢ ، وله ثلاثة كتب في التفسير الأول : «تبصرة المذكر وتذكرة المتدبّر» مخطوط في بطرسبرج : ٢٧٨ ، وفاس ٢ / ١٦١ ، وداماد زادة باسطنبول : ١٦٣ ، وقليج علي باشا ، باسطنبول : ٨٩ ، والمكتبة السليمانية : ١٢٦ ، وسليم آغا باسطنبول : ٤٥ ، وبومباي ص ١٦١ رقم ٨٧ ، ودار الكتب بالقاهرة ١ / ٣٥ ، والموصل : ٦٤ و ٢٣٠ ، وحلب : ٤٧٠. والثاني «تلخيص للأول» مخطوط في دار الكتب المصرية ١ / ٤٢ ، والفاتيكان : ٥٧٣ ف ٣. والثالث : «كشف الحقائق» مخطوط في مكتبة العتبة المقدسة الرضوية بمشهد إيران ٣ / ٤٩ ، رقم ١٥١ (بروكلمان الذيل ١ / ٧٣٧) ، ويوجد في مكتبة آيا صوفيا باسم تفسير الكواشي بأرقام ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٣ تفسير (معجم الدراسات القرآنية : ٢٧٢).
(٤) انظر «فصل المقال» ص ٤٠٢ ، وشرحه بقوله (أخذت الفصال في سنن واحد من المرح والنشاط حتى نشطت القرعى لنشاطها).