(قال) : والاسم بعد «إلا» في الآيتين منصوب كما ترى ، وليس قبل «إلا» في واحد منهما منصوب بإلا.
واعلم أنه يوصف بما بعد «إلا» ، سواء كان استثناء منقطعا أو متصلا. قال المبرّد (١) والجرميّ (٢) في قوله تعالى : (إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) (هود : ١١٦) ، لو قرئ بالرفع «قليل» على الصفة لكان حسنا والاستثناء منقطع.
(الخامس): بمعنى «بدل» وجعل ابن الضّائع (٣) منه قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء : ٢٢) ، أي «بدل الله» أي (٤) عوض الله ؛ وبه يخرج على الإشكال المشهور في الاستثناء ، وفي الوصف ب «إلا» من جهة المفهوم.
بقي أن يقال : إن ابن مالك (٥) جعلها في الآية صفة ، وأنها للتأكيد لا للتخصيص ، لأنه لو قيل : (٦) لو كان فيهما آلهة فسدتا (٦) ، لصحّ ؛ (٧) لأن الفساد مرتب (٧) على تعدد الآلهة.
فيقال : ما فائدة الوصف المقتضى هاهنا للتأكيد؟ وجوابه أن «آلهة» تدلّ على الجنس ، أو على الجمع ، فلو اقتصر عليه لتوهم أن الفساد مرتب على الجنس من حيث هو ، فأتى بقوله : (إِلاَّ اللهُ) ليدلّ على أن الفساد مرتب على التعدد. وهذا نظير قولهم في : (إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) (النحل : ٥١) ، أنّ الوصف هنا مخصص لا مؤكد ، لأن (إِلهَيْنِ) (٨)
__________________
(١) انظر المقتضب ٤ / ٤١٦ هذا باب ما يقع في الاستثناء من غير نوع المذكور قبله.
(٢) هو صالح بن إسحاق أبو عمر الجرمي النحوي وسمي جرمي لأنه نزل في جرم وهي من قبائل اليمن بصري ، قدم بغداد ، وناظر بها يحيى بن زياد الفراء ، أخذ عن الأخفش ويونس بن حبيب ولم يلق سيبويه وكان ذا دين قال المبرد : «كان الجرمي أثبت القوم في كتاب سيبويه وعليه قرأت الجماعة وكان عالما باللغة وله كتاب في السيرة عجيب». وله في النحو «الفرخ» معناه فرخ كتاب سيبويه و «الأبنية» و «العروض» وغيرها ت ٢٢٥ ه (القفطي ، إنباه الرواة ٢ / ٨٠).
(٣) هو علي بن محمد بن علي الكتامي تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٤. وانظر قوله في مغني اللبيب ١ / ٧١ (إلاّ).
(٤) في المخطوطة (أو).
(٥) هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك تقدم التعريف به في ١ / ٣٨١.
(٦) عبارة المخطوطة (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا).
(٧) عبارة المخطوطة (إن الفساد ترتب).
(٨) في المخطوطة (الجنس).