مجالستهما ومجالسة من شاء منهما ، فضدّه في النهي (لا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) ، أي لا تطع [لا] (١) هذا ولا هذا ؛ والمعنى : لا تطع أحدهما ، ومن أطاع [منهما كان] (٢) أحدهما [كان منهما] (٣) ؛ فمن هاهنا كان نهيا عن [٢٨٧ / ب] كلّ واحد منهما ، ولو جاء بالواو في الموضعين أو أحدهما لأوهم (٤) الجمع.
(وقيل) : «أو» بمعنى الواو ؛ لأنه لو انتهى عن أحدهما لم يعد ممتثلا بالانتهاء عنهما جميعا. قال الخطيبيّ (٥) : والأولى أنّها على بابها ؛ وإنّما جاء التعميم فيها من النهي الّذي فيه معنى النفي ، والنكرة في سياق النفي تعمّ ؛ لأن المعنى قبل وجود النهي : «تطيع (٦) آثما أو كفورا» ، أي واحدا منهما ، (٧) [فالتعميم فيهما ؛ فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتا ؛ فالمعنى : لا تطع واحدا منهما] (٧) فسمّى التعميم فيهما من جهة النهي ، وهي على بابها فيما ذكرناه ؛ لأنه لا يحصل الانتهاء عن أحدهما ؛ حتى ينتهي عنهما ؛ بخلاف الإثبات ؛ فإنه قد ينتهي عن أحدهما دون الآخر.
(تنبيهان) الأول : روى البيهقيّ في «سننه» في باب الفدية بغير النّعم ، عن ابن جريج ، قال : «كل شيء في القرآن فيه «أو» للتخيير ، إلا قوله تعالى : (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا) (المائدة : ٣٣) ، ليس بمخيّر فيهما (٨)». قال الشافعيّ (٩) : وبهذا أقول.
الثاني : من أجل أنّ مبناها على عدم التشريك ، أعاد (١٠) الضمير إلى مفرديها بالإفراد ؛ بخلاف الواو ؛ وأما قوله تعالى : وأما قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما)
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (كان فيه).
(٥) هو محمد بن مظفر شمس الدين الخطيبي المعروف بابن الخلخالي كان إماما في العلوم العقلية والنقلية وصنف التصانيف المشهورة منها «شرح المختصر» و «شرح المفتاح» و «شرح التلخيص» وله تصنيف في المنطق ذكره الشيخ جمال الدين في الطبقات ت ٧٤٥ ه ـ (ابن حجر ، الدرر الكامنة ٤ / ٢٦٠).
(٦) في المخطوطة (تطع).
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٨) انظر السنن الكبرى ٥ / ١٨٥ ، كتاب الحج.
(٩) انظر الأم ٢ / ١٨٨ ، باب هل لمن أصاب الصيد أن يفديه بغير النعم. والمسند : ٣٨٣ (الملحق بآخر الأم).
(١٠) في المخطوطة (عاد).