[المراد] (١) النهي عن طاعتهما مفردين أو مجتمعين ، (٢) وإنما ذكرت «أو» لئلا يتوهّم (٢) أن النهي عن طاعة من اجتمع فيه الوصفان. وقال ابن الحاجب (٣) : استشكل قوم وقوع «أو» في النهي في هذه (٤) الآية ، فإنه لو انتهى عن أحدهما لم يمتثل ، ولا يعدّ ممتثلا ؛ إلا بالانتهاء عنهما جميعا!
فقيل : إنها بمعنى «الواو». والأولى أنها على بابها ؛ وإنما جاء التعيين فيها من القرينة (٥) [وهو النهي الذي فيه معنى النهي] (٥) ، لأن المعنى قبل وجود النهي : «تطيع آثما أو كفورا» ، أي واحدا منهما ؛ فإذا جاء النهي ورد على ما كان ثابتا في المعنى ؛ فيصير المعنى : «ولا تطع واحدا منهما» ، فيجيء التعميم فيهما من جهة النهي الداخل ؛ وهي على بابها فيما ذكرناه ، لأنّه لا يحصل الانتهاء عن أحدهما حتى ينتهي عنهما ؛ بخلاف الإثبات ؛ فإنه قد يفعل أحدهما دون الآخر.
(قال) : فهذا معنى دقيق ، يعلم منه أنّ «أو» في الآية على بابها ، وأنّ التعميم لم يجيء منها ؛ وإنما جاء من جهة المضموم إليها. انتهى.
ومن هذا ـ وإن كان خبرا ـ قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) (النساء : ١١) ؛ لأن الميراث لا يكون إلا بعد إنفاذ الوصية والدّين ؛ وجد أحدهما أو وجدا معا. وقال أبو البقاء في «اللباب» (٦) : إن اتصلت بالنهي وجب اجتناب الأمرين عند النحويين ؛ كقوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (الإنسان : ٢٤) (٧) ولو جمع بينهما لفعل المنهيّ عنه مرتين ؛ لأنّ كلّ واحد منهما أحدهما (٧). وقال في موضع آخر : مذهب سيبويه (٨) أنّ «أو» في النهي نقيضة (٩) «أو» في الإباحة ؛ فقولك : جالس الحسن أو ابن سيرين ، إذن في
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) عبارة المخطوطة (وإنما ذكر تأويلا يوهم).
(٣) هو عثمان بن عمر بن يونس أبو عمرو بن الحاجب تقدم التعريف به في ١ / ٤٦٦.
(٤) زيادة كلمة (المسألة).
(٥) العبارة ساقطة من المطبوعة.
(٦) هو عبد الله بن الحسين العكبري تقدم التعريف به في ١ / ١٥٩ ، وبكتابه في ٢ / ١١.
(٧) العبارة في المخطوطة (أي لا تطع لا هذا ولا هذا ، والمعنى لا تطع أحدهما) وستأتي هذه العبارة بعد ثلاثة أسطر.
(٨) انظر الكتاب ٣ / ١٨٤ ، هذا باب «أو» في غير الاستفهام.
(٩) في المخطوطة (تقتضيه).