ـ (أحدهما) : أنها بمعنى «لم يزل» كأنّ القوم شاهدوا عزّا وحكمة
ومغفرة ورحمة ، فقيل لهم : لم يزل الله كذلك ، قال : وهذا قول سيبويه.
ـ (والثاني) : أنها تدلّ على وقوع الفعل فيما مضى من الزمان ؛ فإذا
كان فعلا متطاولا لم يدلّ دلالة قاطعة على أنه زال وانقطع ، كقولك : كان فلان
صديقي ، لا يدلّ هذا على أن صداقته قد زالت ؛ بل يجوز بقاؤها ، ويجوز زوالها.
فمن الأول : قوله
تعالى : (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ
عَدُوًّا مُبِيناً) (النساء : ١٠١) ،
لأن عداوتهم باقية» .
ومن الثاني : قوله
تعالى : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ
فِيهِمْ) (المائدة : ١١٧).
وقال بعضهم : يدلّ
على أن خبرها كان موجودا في الزمن الماضي ، وأما في الزمن الحاضر فقد يكون باقيا
مستمرا ، وقد يكون منقطعا ، فالأول كقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ
غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب : ٧٣)
وكذا سائر صفاته ؛ لأنّها باقية مستمرة.
قال السّيرافيّ : قد يرجع الانقطاع بالنسبة للمغفور لهم والمرحومين ؛
بمعنى أنهم انقرضوا فلم يبق من يغفر له ، ولا من يرحم فتنقطع المغفرة والرحمة.
وكذا : (وَكانَ
اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) (النساء : ١٧٠) ،
ومعناه الانقطاع فيما وقع عليه العلم والحكمة ، لا نفس العلم والحكمة. وفيه نظر.
وقال ابن برّيّ ما معناه : إنّ «كان» تدل على تقديم الوصف وقدمه ، وما ثبت
قدمه استحال عدمه ؛ وهو كلام حسن.
وقال منصور بن
فلاح اليمني في كتاب «الكافي» : قد تدلّ على الدوام بحسب
__________________