(أَشَدَّ) مجرورا قال الزمخشري (١) : «إنه في موضع جر عطفا على ما أضيف إليه الذكر في قوله (كَذِكْرِكُمْ)] (٢) ؛ كما تقول : كذكر قريش آباءهم ، أو [قوم] (٣) أشد منهم ذكرا». لكن هذا عطف على الضمير المخفوض ؛ وذلك لا يجوز [إلا] (٤) على قراءة حمزة. وقد ٤ / ١١٧ خالفه الجمهور وجعلوه مجرورا عطفا على (ذكركم) المجرور بكاف التشبيه ، تقديره : «أو كذكركم أشدّ» فجعل للذكر ذكرا مجازا ؛ وهو قول الزجاج (٥) ؛ وتابعه ابن عطية (٦) وأبو البقاء (٧) وغيرهما.
ومما اختلف فيه العطف على عاملين ، نحو ليس زيد بقائم ولا قاعد عمرو ؛ على أن يكون «[ولا] (٨) قاعد» معطوفا على «قائم» ، و «عمرو» على «زيد». منعه الجمهور وأجازه الأخفش (٩) ، محتجا بقوله تعالى : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (الجاثية : ٥) ، ثم قال : (آياتٌ) (١٠) بالنصب عطفا على قوله : (لَآياتٍ) المنصوب ب «إنّ» في أول الكلام ، و (اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) مجرور بالعطف على (السَّماواتِ) (الجاثية : ٣) ، المجرور بحرف الجرّ الذي هو «في» ، فقد وجد العطف على عاملين. وأجيب بجعل (آيات) تأكيد ل «آيات» الأولى.
__________________
(١) انظر «الكشاف» ١ / ١٢٥ عند تفسير الآية من سورة البقرة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) سقطت من المطبوعة وهي زيادة منّا لا يستقيم المعنى بدونها ، وأما عبارة المخطوطة فهي : (وذلك لا يجوز عند ذكر قراءة حمزة ...) وقراءة حمزة التي يستشهد بها المصنّف وفيها عطف على الضمير هي قوله تعالى في أول سورة النساء : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) بكسر الميم عطفا على الضمير في (بِهِ) ، وانظر «إتحاف فضلاء البشر» ص ١٨٥.
(٥) انظر قول الزجاج في كتابه «معاني القرآن وإعرابه» ١ / ٢٧٤.
(٦) انظر قول ابن عطية في تفسيره «المحرر الوجيز» ١ / ٥٦٣.
(٧) انظر قول أبي البقاء العكبري في «إملاء ما من به الرحمن» ١ / ٨٧.
(٨) ليست في المخطوطة.
(٩) انظر قول الأخفش في «البحر المحيط» ٨ / ٤٣ عند تفسير الآيات من سورة الجاثية.
(١٠) الآيات المشار إليها قوله تعالى (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ* وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ* وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الجاثية : ٣ ـ ٥) ، والقراءة بنصب (آياتٌ) هي لحمزة والكسائي ويعقوب انظر «إتحاف فضلاء البشر» ص ٣٨٩.