قوله تعالى : (فَإِنْ فاؤُ ...)
أي رجعوا إلى قربان النساء. والفيئة تكون بالتكفير عن اليمين (١) ومن ثمّ (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي فحنثهم في يمين الإيلاء مغفور لهم. وفيه إيذان بأنّ الإيلاء ـ قصدا للإضرار بالمرأة ـ خرام ، نعم قد يكون مباحا إذا لم تطل مدّته ولم يكن القصد إضرارا بها ، بل نوع تأديب أو غرض آخر كان في صلاحها ، كالخوف على الولد من الغيل (٢) ، وكالحمية من بعض الأمراض المعدية في الرجل أو المرأة ، فإباحة ذلك حاصلة من أدلّة المصلحة ونفي المضرّة. قال ابن عاشور : وإنّما يحصل ذلك بالحلف عند بعض الناس ، لما فيهم من ضعف العزم ، واتّهام أنفسهم بالفلتة في الأمر ، إن لم يقيّدوه بالحلف (٣).
[٢ / ٦٦٠٧] روى أبو جعفر الكليني بالإسناد إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الإيلاء ما هو؟ قال : «هو أن يقول الرجل لامرأته : والله لا أجامعك كذا وكذا ، ويقول : والله لأغيظنّك ، فيتربّص بها أربعة أشهر ، ثمّ يؤخذ فيوقف بعد الأربعة أشهر ، فإن فاء ، وهو أن يصالح أهله (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، وإن لم يفئ جبر على أن يطلّق ولا يقع طلاق فيما بينهما ، ولو كان بعد الأربعة الأشهر ، ما لم يرفعه إلى الإمام» (٤).
[٢ / ٦٦٠٨] وعن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل آلى امرأته بعد ما دخل بها؟ فقال : «إذا مضت أربعة أشهر وقف وإن كان بعد حين ، فإن فاء فليس
__________________
الرواية للمناكير. قلت : قد روى يوسف بن محمّد بن المنكدر عن أبيه عن جابر بن عبد الله معنى هذه القصّة إلّا أنّه لم يذكر فيها عمر بن الخطّاب!» ؛ الدلائل للأصبهاني : ٤٦٠ / ٣٨٧ ، الفصل ٢٤ ، عن جابر ؛ والطارف من الطرفة وهو الشيء الحدث الجديد المستحسن. ويقابله التالد ، وهو الشيء النفيس العتيق (القديم).
(١) لكن روي عن الحسن والنخعي : إذا فاء فلا كفّارة عليه. المصنّف لعبد الرزّاق ٦ : ٤٦٩ ؛ الطبري ٢ : ٥٧٨. وهذا خلاف المأثور عن الأئمّة. روى ابن بابويه والشيخ والعيّاشي عن الصادق عليهالسلام قال : «كفّر عن يمينه وأمسكها». (التهذيب ٨ : ٨ / ٢١ ؛ الاستبصار ٣ : ٢٥٤ / ٩١٠ ؛ الفقيه ٣ : ٥٢٥ / ٤٨٢٥ ؛ العيّاشي ١ : ١٣٢ / ٣٤٦ ؛ الوسائل ٢٢ : ٣٥٥ ـ ٣٥٦).
(٢) الغيل : إرضاع المرأة ولدها وهي حامل ، الأمر الّذي يضرّ بشأن الولد.
(٣) التحرير والتنوير ٢ : ٣٦٧.
(٤) الكافي ٦ : ١٣٢ / ٩ ؛ التهذيب ٨ : ٣ / ٤ ـ ٤ ؛ الاستبصار ٣ : ٢٥٣ / ٩٠٥ ـ ٢ ، كتاب الطلاق ، أبواب الإيلاء ، باب ١٥٥ (مدّة الإيلاء).