قال تعالى :
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧))
وعند الانتهاء من تقرير القاعدة الكلّيّة في الحلف ، يأخذ في الحديث عن يمين الإيلاء ـ عادة جاهليّة مقيتة ـ كان الرجل إذا أراد الإضرار بزوجه حلف أن لا يباشرها ، فيذرها كالمعلّقة لا هي ذات زوج صالح ولا هي مسرّحة ، سنّة جاهليّة سيّئة كافحها الإسلام بشدّة ، فكان ممّا فرضه الإسلام بهذا الصدد : أن أمهل الرجل أربعة أشهر ليختار أمره ، فإن رجع وأعاد علقته الزوجيّة معها ، فإنّ الله غفور عمّا سلف ، رحيم بعباده. والشقّ الآخر أن يعزم الفراق والبتّ في الأمر ، فهذا أيضا نزول عن عصبيّة جاهلة ورضوخ للحقّ الّذي فرض عليه أن يخلّي سبيلها.
إذن فليس الرجل مطلق العنان بشأن الزوجيّة ، سوى الرضوخ لمرّ القانون الحاكم. وبذلك أخذت هذه العادة تتضاءل وتنهار وتذهب جذورها سدى.
***
والإيلاء ـ كما ذكرنا ـ سنّة جاهليّة كانت عمياء ، كان الرجل إذا أراد الإضرار بزوجته ، حيث لا يرغب فيها ولا يتركها لشأنها ، كي تتزوّج بغيره! عادة سيّئة امتهانا بشأن المرأة في الحياة الزوجيّة!
[٢ / ٦٥٩٧] أخرج أبو إسحاق الثعلبي بالإسناد إلى سعيد بن المسيّب ، قال : كان ذلك من ضرار أهل الجاهليّة ، كان الرجل لا يحبّ امرأته ولا يريد أن يتزوّجها غيره ، فيحلف أن لا يقربها أبدا ، فيتركها لا أيّما ولا ذات بعل. قال : وكانوا عليه في ابتداء الإسلام ، فضرب الله له أجلا ، وهي أربعة أشهر (١).
__________________
(١) الثعلبي ٢ : ١٦٨ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٥٥ ؛ البغوي ١ : ٢٩٧. والأيّم : الفاقدة للزوج.