قوله تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)
هذا في حالة عاديّة ، لا صدّ ولا إحصار ، فمن أراد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ وهذا فرض من نأى عن مكّة ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ؛ فهذا يحرم من الميقات الّذي يخصّه ، وعليه الهدي يذبحه بمنى يوم النحر.
(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) الهدي ولم يكن بوسعه ، فعليه بدل الهدي صيام عشرة أيّام : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ) في مواسم الحجّ : يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة (أي السابع والثامن والتاسع من ذي الحجّة ذلك العام).
وإن صام في أوّل العشر جاز ذلك رخصة. وإن صام يوم التروية ويوم عرفة ، قضى الثالث بعد انقضاء أيّام التشريق. وإن فاته يوم التروية قضى الثلاثة بعد أيّام التشريق متتابعات كلّ ذلك حسبما ورد به النصّ عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام (١).
(وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) إلى بلادكم وأهليكم (تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) يصومها المعوز ، بدل الهدي. وقيد الكاملة نصّ وتوكيد كي لا يتوهّم التخيير بين الثلاثة والعشرة.
(ذلِكَ) أي فرض التمتّع بالحجّ (لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهم : من يكون بينهم وبينه مسافة أكثر من اثني عشر ميلا من كلّ جانب.
وعند هذا المقطع من بيان أحكام الحجّ يقف السياق ليعقّب تعقيبا قرآنيّا ، يشدّ به القلوب إلى الله وتقواه :
(وَاتَّقُوا اللهَ) في مراعاة تلكم الأحكام والفرائض فارغة عن شوب الأكدار والأقذار.
(وَاعْلَمُوا) تهديد لمن رام الابتداع أو الانحراف بالشريعة (أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن عصاه وحاول المصافّ مع الدين. كما هو رؤوف بعباده المؤمنين الأتقياء.
قوله تعالى : (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ)
[٢ / ٥٤٠٣] روى الكليني بالإسناد إلى رفاعة بن موسى ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن المتمتّع لا يجد الهدي؟ قال : «يصوم قبل التروية بيوم ، ويوم التروية ، ويوم عرفة ؛ قلت : فإنّه قدم يوم
__________________
(١) وسنذكرها. راجع : مجمع البيان ٢ : ٣٩.