سبحانه ما في صحفهما وهو (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا يحمل أحد جرم أحد ولا يؤخذ أحد بذنب غيره (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) عطف على ما سبق ، يعني أنه لا يجزى إلّا بعمله. وقيل إن هذا الشرط يصدق على الأمم السابقة أما أمّة سيّدنا ونبيّنا خاتم الرسل صلوات الله عليه وآله فهي منسوخة بقوله جلّ وعلا : (ألحقنا بهم ذرياتهم) فرفع درجة الذّرية من غير أن يستحقوها بأعمالهم. فهذه الأمة مرحومة بأن لهم ما سعى به غيرهم نيابة عنهم ، ومن هنا جاء تشريع النيابة بالطاعات إلّا ما قام عليه الدليل وفي المجمع أن امرأة جاءت إلى رسول الله (ص) وقالت : إن أبي لم يحجّ ، فقال : حجّي عنه. (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) يعني أن عمله سوف يرى عند الحساب (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) فيعطى عن الطاعات أكثر ما يستحق من الثواب تفضّلا من الله وكرما.
* * *
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩))
٤٢ إلى ٤٥ ـ (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ...) هذا عطف على ما سبقه ، ومعناه ، أنّ النهاية تقود إلى ثواب ربّك وعقابه ، وإليه المصير بعد أن ينقطع العمل بموت الإنسان (وَأَنَّهُ) سبحانه (هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) أي خلق سبب الفرح والسرور أو الحزن والأسى. وفي المجمع أنه أضحك أهل الجنّة بما وفّر لهم من أسباب السرور ، وأبكى أهل جهنّم بما حاق بهم