ومالكه المتصرّف فيه والمدبّر له (لا إله الّا هو) أي لا تحق العبادة لسواه (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) اجعله حافظا لأمرك. وفوّض أمرك إليه فهو خير كاف وحافظ لك (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) أي تحمّل أذى ما يقوله الكفّار من تكذيبك ورفض دعوتك (وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) أي اتركهم ولكن لا تتخلّ عنهم في ترك دعوتهم إلى الحق وثابر على نصحهم ، وهذا هو معنى الصبر على الأذى في سبيل نشر الدعوة لأن الرفق أدعى إلى الاجابة وسماع القول.
* * *
(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١) إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤))
١١ ـ ١٤ ـ (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ...) ذر بمعنى : دع ، ولا يقال وذر ، ودع ، والنّعمة بفتح النون هي لين اللمس وضدّها الخشونة في حين أن النّعمة بالكسر هي الثروة ، والمعنى : دعني واتركني يا محمد مع هؤلاء المكذّبين لك في الدعوة إلى التوحيد والإيمان والإخلاص في العبادة من المتنعّمين بثراء الدنيا ولا تشغل نفسك بهم (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) اي أعطهم مهلة قليلة لينزل بهم غضبنا. ولم يكن إلّا وقت يسير حتى كانت وقعة بدر التي أزهقت أولئك الصناديد من منافقي قريش والمستهزئين بالنبيّ (ص) (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) أي عندنا قيود لأن الأنكال واحدها نكل وهو القيد الذي لا يفك (وجحيما) ونارا عظيمة الاستعار ، وقيل هو اسم من أسماء جهنم (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) أي طعاما شائكا فلا يدخل الحلق فيبتلعه الإنسان ، ولا يخرج منه فيرتاح بل يتردد في الحق ويؤذي آكله وهو الزقوم والضريع (وَعَذاباً أَلِيماً) وعقابا موجعا ، وذلك يكون (يَوْمَ تَرْجُفُ