الجنّ والذي يغري الخلق بالمعاصي والكفر.
٥ ـ ٧ ـ (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ...) هذا اعتراف منهم بأنهم كانوا يحسبون ما يقال عن الله صدقا ، وأنه ذو صاحبة وولد ، وأنه لن يقول الإنس والجنّ (عَلَى اللهِ كَذِباً) ولكننا بعد سماع القرآن ظهر لنا الحق ورجعنا عن تقليد المفترين الذين يقولون بالصاحبة والشريك فقد باتت الحجة وظهر الدليل القاطع على وحدانيّته وتنزيهه عن ذلك (وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِ) أي يلجأون إليهم ويعتصمون بهم مستجيرين من كل مكروه ، فقد كان الواحد من العرب إذا نزل إلى الوادي ليلا يقول عند دخولها : أعوذ بعزيز هذا الوادي من شرّ سفهاء قومه. وكانوا يزعمون أن الجن تحميهم وتحفظهم من النوازل والدواهي. وقيل بل معناه أن رجالا كانوا يستعيذون من شرّ الجنّ وأذاهم ، والله تعالى أعلم بما قال (فَزادُوهُمْ رَهَقاً) يعني فزاد الجنّ الإنس ، إثما وكفرا وطغيانا : أو على العكس فزادت استعاذة الإنس الجنّ طغيانا وظنّوا أنهم سادوا الإنس وتفوّقوا عليهم لأنهم لجأوا إليهم واستعاذوا بهم (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ) أي زعموا كما زعمتم (أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً) أي لن يرسل رسولا بعد موسى وعيسى عليهماالسلام وهذه الآية الكريمة وما قبلها فيها معنى التوبيخ لعتاة العرب وجبابرة الكفّار إذ كانوا أولى بالتفكّر والتدبّر ليهتدوا ويؤمنوا بالرسول (ص) لأنه من جنسهم ولغته من لغتهم وهو منهم ، وكان ينبغي أن يصدّقوا نبوّته ودعوته إلى توحيد الله وعبادته والإيمان بالبعث الذي كانوا ينكرونه.
* * *
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ