قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٧ ]

الجديد في تفسير القرآن المجيد [ ج ٧ ]

246/464
*

لطاف الأجسام رقاقها لهم صور خاصة بهم ، فالإنسان مخلوق من الطين ، والملك مخلوق من النور ، والجن مخلوق من النار ، فقد أصغى نفر من هؤلاء الجنّ إلى تلاوة القرآن (فَقالُوا) فيما بينهم ، أي قال بعضهم لبعض : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) أي داعيا للتعجّب لإعجازه ، ولخروج تأليفه عن المعتاد الذي نسمعه من الكلام ، ولمباينته لقول الناس فصاحة ونظما ونظاما وتشريعا وأحكاما واحتواء لأخبار الأولين والآخرين ، ولما كان وما يكون ، جريا على لسان رجل أميّ من قوم أميين ، ولذلك سمّوه عجبا ، وقالوا : إنه (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) أي يدل عليه ، والرّشد هو الهدى ... ضد الضلال ... (فَآمَنَّا) صدّقنا (بِهِ) وأنه من عند الله تبارك وتعالى (وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) فسنوحّده ونخلص في عبادتنا له دون شريك أو صاحبة. وهذا يدل على أن نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله مبعوث إلى الجن والإنس على السواء ، ويدل على ان الجنّ يعرفون لغتنا وأنهم عقلاء مفكّرون متدبّرون. وروي ان النفر الذي استمع إلى النبي (ص) كانوا سبعة من جن نصيبين رآهم النبيّ (ص) فآمنوا به وأرسلهم إلى سائر الجن فبلّغوا رسالته ونقلوا دعوته.

٣ ـ ٤ ـ (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً ...) هذا الكلام المقدّس معطوف على القول السابق الذي تكلّم به الجنّ. إنّا سمعنا قرآنا عجبا ، ولذلك اختاروا كسر همزة (إن) فيه ، ومن فتحها عطفه على (فَآمَنَّا بِهِ) بتقدير : وآمنّا بأنه تعالى جدّ ربّنا ، ومعناه تعالت عظمة ربّنا وتعالت صفاته وذاته المقدّسة عن الصاحبة ، والشريك والولد ، وجلّت قدرته وعلا ذكره ، وعظم سلطانه وسمت آلاؤه عن ذلك ، وليس لله تعالى جد ، ولكن الجنّ قالت ذلك فحكاه سبحانه بحسب قولهم كما في المرويّ على الصادقين عليهما‌السلام(وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) أي كان يقول الجاهل منّا قولا سفيها فيه خروج عن حدود الحق الذي ينبغي أن يقال فيه تبارك وتعالى ، وقصدوا بسفيههم إبليس اللعين الذي هو من