له. وقد قال ابن قتيبة : لا نعلم أن الله وصف أحدا وبلغ من ذكر عيوبه ما بلغ من ذكر عيوب الوليد بن المغيرة لأنه وصف بالحلف والمهانة والعيب للناس والمشي بالنمائم والبخل والظلم والإثم والجفوة والدعوة ، فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة .. (أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) أي لا تطعه يا محمد لمجرّد كونه صاحب مال وذا بنين» وقيل إن الآية تقرأ بالاستفهام ، ومعناها : ألأن كان ذا مال وبنين يجحد بآياتنا؟ وهل جعل الجحود بدل النّعم التي خوّلناه إياها وصار (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا ، قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) اي إذا قرئت عليه آيات كتابنا الكريم قال إن ذلك ممّا سطّره الأوّلون في أحاديثهم الخرافية ولا أصل لها؟ ولذلك توعّده الله سبحانه بقوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) أي سنشوّهه يوم القيامة بسمة على أنفه والخرطوم هو الأنف كما لا يخفى نطبعها بسفّود من نار فيعرفه بها كل من رآه ويعلم أنه من أهل النار. وقد خص الوسم بالأنف لأن الإنسان يعرف بوجهه وشكل أنفه لوقوعه وسط الوجه. وعلى كل حال سيعرف المجرمون يوم القيامة بسيماهم اسوداد وجوههم ، وسيعرف الوليد ابن المغيرة بهذا الوسم الذي يعيبه زيادة عن غيره لشدة كفره وعناده للرسول صلىاللهعليهوآله.
* * *
(إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمَّا رَأَوْها