الشيطان : أكتفي منك بالإيماء لأن السجود متعسّر عليك. فأومى له بالسجود ، فكفر بالله وكان من أهل النار. وذلك تفسير قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ ...) وهذا لا ينافي ما قلناه سابقا من أن الشيطان يغري الناس ويغويهم ، ثم يتبرّأ منهم يوم القيامة (فَكانَ عاقِبَتَهُما) يعني عاقبة الفريقين : الشيطان ومن أغواه (أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها) معذّبين إلى أبد الأبد (وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ) لأنفسهم ولغيرهم.
* * *
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (١٩) لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠))
١٨ إلى ٢٠ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ...) أي تجنّبوا معاصيه واعملوا بطاعاته (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) أي ما قدّمت من عمل صالح ليوم القيامة أو من عمل سيّء (وَاتَّقُوا اللهَ) خافوه واتركوا المعاصي وتدبّروا الأمر قبل فوات الأوان فإن الساعة قريبة الحدوث (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ) عالم (بِما تَعْمَلُونَ) من خير أو شر. وقد كرّر الأمر بالتقوى ليتوب الإنسان مما مضى من ذنوبه ـ وهذا الأمر الأول ـ وليتجنّب العصيان في المستقبل ـ وهذا الأمر الثاني ـ وكلاهما رأفة منه سبحانه بالعباد. ولعلّ الثاني تأكيد للأول كما قيل (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ) أي لم يذكروه وتركوا أداء حقّه (فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أي حرمهم حظّهم من الخير الذي