وضعف مستند الحجر ، فيقتصر فيه على موضع الإِجماع وهو بعد الغبار والطين .
وبعد ما عرفت من جبر ضعف مستنده يظهر لك دفع ذلك .
وأمّا الثالث : فلظواهر النصوص المتقدّمة ، وفاقاً للمفيد (١) بل الأكثر ، وخلافاً لنهاية الشيخ ، فقدّم اللبد والعرف على الثوب (٢) ، وللحلّي فعَكَس (٣) ، ولا نعرف لهما دليلاً سوى ما في المنتهى للشيخ من كثرة وجود أجزاء التراب غالباً فيهما دون الثوب (٤) .
وضعفه ظاهر ؛ لمنع الكثرة أولاً ، وعدم اعتبارها ثانياً ؛ لإِطلاق النصوص .
ومنه يظهر أنه لو كان هناك أشياء مغبرة وكان بعضها أكثر غباراً لم يجب تقديمه .
خلافاً للمحكي عن الثانيين (٥) ، ولا وجه له ، كما لا وجه لما عن الإِسكافي من تخصيص الغبار بما لم يكن على الحيوان (٦) ، مع أن ظاهر عرف الدابة صريح في ردّه ، لعدم الفرق ، فيجوز ولو كان الغبار على جسد نفسه .
وهل يشترط في المغبر كون غباره ممّا يتيمّم به من تراب ونحوه ؟ الظاهر : نعم ، كما به صرّح جماعة منهم : السيد والحلّي والفاضل (٧) ، لا لأجل حمل إطلاق الأخبار على الغالب ، لكون كلٍّ من الغلبة والحمل محل النظر ، بل لمنع كون غيره ـ كغبار الدقيق والاُشنان ونحوه ـ غباراً حقيقةً لغةً ، ولا أقل من الشك ، فلا يندفع أصالة اشتغال الذمة به .
__________________
(١) المقنعة : ٥٩ .
(٢) النهاية : ٤٩ .
(٣) السرائر ١ : ١٣٨ .
(٤) المنتهى ١ : ١٤٢ .
(٥) المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٤٨٣ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٦ .
(٦) حكاه عنه في المختلف : ٤٩ .
(٧) السيد في المسائل الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٨ ، والحلي في السرائر ١ : ١٣٨ ، الفاضل في المنتهى ١ : ١٤٢ .