أولا لتقرير حكمها ، ردعا لمن تحدثه نفسه أن يتلطخ بهذا العار الفاحش من شيوخ وشيخات. حتى إذا ما تقرر هذا الحكم فى النفوس ، نسخ الله تلاوته لحكمة أخرى ، هى الإشارة إلى شناعة هذه الفاحشة ، وبشاعة صدورها من شيخ وشيخة ، حيث سلكها مسلك ما لا يليق أن يذكر فضلا عن أن يفعل ، وسار بها فى طريق يشبه طريق المستحيل الذى لا يقع ، كأنه قال : نزهوا الأسماع عن سماعها ، والألسنة عن ذكرها ، فضلا عن الفرار منها ومن التلوث برجسها. «كتب الله لنا الحفظ والعصمة» إنه ولى كل نعمة وتوفيق.
شبهات المنكرين للنسخ ودفعها
نستطيع أن ننوع المنكرين للنسخ أنواعا : فنوع بنكر جوازه عقلا ووقوعه سمعا ، وهم نصارى هذا العصر ، وفرقة الشمعونية من اليهود. ونوع ينكره سمعا ويجوزه عقلا ، وهم العنانية من اليهود أيضا. ونوع يجوزه عقلا ويقول بوقوعه سمعا ، بيد أنه ينكر أن الشريعة الإسلامية ناسخة لليهودية ، وهم العيسوية تمام فرق اليهود الثلاث. ونوع يجوزه عقلا وينكره سمعا ، ولكن إنكاره صورى يتأول فيه بما يجعل خلافه لجمهرة المسلمين خلافا لفظيا أو شبيها باللفظى وهو أبو مسلم الأصفهانى ومن تبعه.
فبين أيدينا إذن ـ من انفردوا بإنكار النسخ عقلا ، وهم نصارى هذا العصر وشمعونية اليهود. ومن توافقوا على إنكاره سمعا ، وإن اختلفوا فى مدى هذا الإنكار وفى كيفيته ، وهم نصارى هذا العصر ، وعنانية اليهود ، والعيسيون منهم ، وأبو مسلم الأصفهانى وأتباعه من المسلمين.
ولكل من هؤلاء جميعا شبهات حسبوها أدلة وليست أدلة. كما يتبين لك ذلك فى هذا الاستعراض الجامع.