فيه. وأما الجهة الثانية فهى التى يختص بها لسان العرب فى تلك الحكاية وذلك الإخبار ، فإن كل خبر يقتضى فى هذه الحالة أمورا خادمة لذلك الإخبار ، بحسب المخبر والمخبر عنه والمخبر به ، ونفس الإخبار فى الحال والمساق ، ونوع الأسلوب من الإيضاح والإخفاء والإيجاز والإطناب وغير ذلك» وبعد أن مثل الشاطبى لهذا بنحو ما مثلنا سابقا قال : «وبهذا النوع الثانى اختلفت العبارات وكثير من أقاصيص القرآن ، لأنه يأتى مساق القصة فى بعض السور على وجه ، وفى بعضها على وجه آخر ، وفى ثالثة على وجه ثالث ، وهكذا ما تقرر فيه من الإخبار ، لا بحسب النوع الأول ، إلا إذا سكت عن بعض التفاصيل فى بعض ، ونص عليه فى بعض. وذلك أيضا لوجه اقتضاه الحال والوقت (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا).
ثم قال : «إذا ثبت هذا فلا يمكن من اعتبر هذا الوجه الأخير (أى الدلالة التابعة) أن يترجم كلاما من الكلام العربى بكلام العجم فضلا عن أن يترجم القرآن وينقل إلى لسان غير عربى ، إلا مع فرض استواء اللسانين فى استعمال ما تقدم تمثيله ونحوه.
فإذا ثبت ذلك فى اللسان المنقول إليه مع لسان العرب ؛ أمكن أن يترجم أحدهما إلى الآخر. وإثبات مثل هذا بوجه بين عسير».
«وقد نفى ابن قتيبة إمكان الترجمة فى القرآن ، يعنى على هذا الوجه الثانى. فأما على الوجه الأول فهو ممكن ، ومن جهته صح تفسير القرآن وبيان معناه للعامة ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معناه. وكان ذلك جائزا باتفاق أهل الإسلام. فصار هذا الاتفاق حجة فى صحة الترجمة على المعنى الأصلى» اه ما أردنا نقله بتصرف طفيف.
قالوا : هذا كلام مدلل ، وبحث موجه ، من عالم جليل محقق ، وأصولى نظار مدقق ، وهو ينطق بجواز ترجمة القرآن ، مع الدليل والبرهان.