مجلة الأزهر (ص ٣٢ و ٣٣ و ٦٦ و ٦٧ من المجلد الثالث) بقلم عالم كبير من علماء الأحناف. إذ جاء فيها باختصار وتصرف ما يلي :
أجمع الأئمة على أنه لا تجوز قراءة القرآن بغير العربية خارج الصلاة. ويمنع فاعل ذلك أشد المنع ، لأن قراءته بغيرها من قبيل التصرف فى قراءة القرآن بما يخرجه عن إعجازه ، بل بما يوجب الركاكة.
وأما القراءة فى الصلاة بغير العربية فتحرم إجماعا للمعنى المتقدم لكن لو فرض وقرأ المصلى بغير العربية ، أتصح صلاته أم تفسد؟.
ذكر الحنفية فى كتبهم أن الإمام أبا حنيفة كان يقول أولا : إذا قرأ المصلى بغير العربية مع قدرته عليها اكتفى بتلك القراءة. ثم رجع عن ذلك وقال : (متى كان قادرا على العربية ففرضه قراءة النظم العربى. ولو قرأ بغيرها فسدت صلاة لخلوها من القراءة مع قدرته عليها ، والإتيان بما هو من جنس كلام الناس حيث لم يكن المقروء قرآنا).
ورواية رجوع الإمام هذه تعزى إلى أقطاب فى المذهب. منهم نوح بن مريم ، وهو من أصحاب أبى حنيفة ، ومنهم على بن الجعد ، وهو من أصحاب أبى يوسف. ومنهم أبو بكر الرازى ، وهو شيخ علماء الحنفية فى عصره بالقرن الرابع.
ولا يخفى أن المجتهد إذا رجع عن قوله ، لا يعد ذلك المرجوع عنه قولا له ، لأنه لم يرجع عنه إلا بعد أن ظهر له أنه ليس بصواب. وحينئذ لا يكون فى مذهب الحنفية قول بكفاية القراءة بغير العربية فى الصلاة للقادر عليها ، فلا يصح التمسك به ، ولا النظر إليه ، لا سيما أن إجماع الأئمة ـ ومنهم أبو حنيفة ـ صريح فى أن القرآن اسم للفظ المخصوص الدال على المعنى ، لا للمعنى وحده.
أما العاجز عن قراءة القرآن بالعربية فهو كالأمى فى أنه لا قراءة عليه. ولكن إذا فرض أنه خالف وأدى القرآن بلغة أخرى ، فإن كان ما يؤديه قصة أو أمرا أو نهيا فسدت