دينهم ، ومطران من مطارنتهم ، يدعى يعقوب بن الصليبى ، إذ خيل إلى قومه أنه ترجم آيات جمة من القرآن باللسان السريانى فى القرن الثانى عشر الميلادى. ثم نشرت خلاصتها فى هذا القرن سنة ١٩٢٥ خمس وعشرين وتسعمائة وألف ميلادية ، نقلا عن نسخة مخطوطة بالمتحف البريطانى بلندن ، مشفوعة بترجمة إنكليزية لها. وتابع هذا المطران أحبار ورهبان ، كانوا أسبق من غيرهم فى هذا الميدان.
وأنت خبير بما يريدون ، والله أعلم بما يبيتون.
راجع فى ذلك محاضرات الفيكنت دى طرازى (١) ، ثم انظر ما كتبه العلامة أبو عبد الله الزنجانى فى كتابه : تاريخ القرآن إذ يقول :
«ربما كانت أول ترجمة إلى اللغة اللاتينية لغة العلم فى أوربا ، وذلك سنة ١١٤٣ بقلم (كنت) الذى استعان فى عمله ببطرس الطليطلى وعالم ثان عربى ، فيكون القرآن قد دخل أوربا عن طريق الأندلس ، وكان العرض من ترجمته عرضه على دى كلونى بقصد الرد عليه. ونجد فيما بعد أن القرآن ترجم ونشر باللاتينة ، (١٥٠٩) ولكن لم يسمح للقراء أن يقتنوه ويتداولوه ، لأن طبعته لم تكن مصحوبة بالردود. وفى عام (١٥٩٤) أصدر هنكلمان ترجمته ، وجاءت على الأثر (١٥٩٨) طبعة مراتشى مصحوبة بالردود» انتهى ما أردنا نقله ..
أفلا ترى معى أنه يجب علينا بإزاء ذلك أن ندلى برأى سديد فى هذا الأمر الجلل؟ لنعلم ما يراد بنا وبقرآننا ، ولننظر إلى أى طريق نحن مسوقون؟ عسى أن يدفعنا هذا التحرى والتثبت ، إلى اتخاذ إجراء حازم ، ننتصف فيه للحق من الباطل ، ونؤدى به رسالتنا فى نشر هداية الإسلام والقرآن على بصيرة ونور!
ثم ألا ترى معى أنه يجب علينا بإزاء ذلك أيضا أن نتجرد فى هذا البحث عن العصبية
__________________
(١) هى محاضرات ظفرت بها فى نسخة مخطوطة تحت عنوان «القرآن : محاضرات علمية تاريخية» ألقاها سنة ١٩٤١ م الفيكنت فيلب دى طرازى مؤسس دار الكتب فى بيروت. والعضو فى عدة مجامع علمية شرقية وغربية.