كرم الله بها رسوله وأمته ، إلى غير ذلك مما من شأنه أن يسمو بالنفوس الإنسانية ، ويملأ العالم حضارة صحيحة ومدنية.
وإنك لتستطيع أن ترى هذه الفائدة ماثلة بين عينيك إذا ما شاهدت أستاذا ممتازا يلقى درسا من دروس التفسير على العامة ، يجلى معانى القرآن لهم بمهارته ، ويتنزل إلى مستواهم فيخاطبهم بلغتهم ، ويتخير من المعانى أصحها وأمسها بحاجتهم ، ويعالج عند المناسبة ما يعرف من جهالتهم وشبهتهم. والله لكأنى بهذا المدرس اللبق وقد نفخ فيهم من روح القرآن فأحيا مواتهم ، وداوى أمراضهم ، وقادهم إلى النهضة ، وجعلهم يؤمنون بهذا الكتاب عن علم وذوق وشعور ووجدان ، بعد أن كانوا يؤمنون به إيمانا أشبه بالتقليد الأعمى أو بمحاكاة الصبيان.
ولقد دلتنا التجارب على أن كثيرا من هؤلاء الذين أحسوا جلال القرآن عن طريق تفسيره ، فكروا فى حفظه ، واستظهاره ودراسة لغته وعلومه ، ليرتشفوا بأنفسهم من منهله الروى ، ويشبعوا نهمتهم من غذائه الهنيء ، ما دام هذا التفسير وغيره لا يحمل كل معانى الأصل ، وما دام ثواب الله يجرى على كل من نظر فى الأصل أو تلا نفس ألفاظ الأصل.
(الفائدة الثانية) دفع الشبهات التى لفقها أعداء الإسلام وألصقوها بالقرآن وتفسيره كذبا وافتراء ، ثم ضللوا بها هؤلاء المسلمين الذين لا يحذقون اللسان العربى فى شكل ترجمات مزعومة للقرآن ، أو مؤلفات علمية وتاريخية للطلاب ، أو دوائر معارف للقراء ، أو دروس ومحاضرات للجمهور ، أو صحف ومجلات للعامة والخاصة.
(الفائدة الثالثة) تنوير غير المسلمين من الأجانب فى حقائق الإسلام وتعاليمه ، خصوصا فى هذا العصر القائم على الدعايات ، وبين نيران هذه الحروب التى أوقدها أهل الملل والنحل الأخرى ، حتى ضل الحق أو كاد يضل فى سواد الباطل ، وخفت صوت الإسلام أو كاد يخفت بين ضجيج غيره من المذاهب المتطرفة والأديان المنحرفة.