العامة واحدة ، ومن أن الطبائع الشخصية يقع بينها التشابه والتماثل ، فى شىء أو أشياء ، فى واحد أو أكثر ، فى زمن قريب أو أزمنة متطاولة ، فى كل فنون الكلام أو فى بعض فنونه. (والآخر) أنه يخالف القول فى الكتاب والسنة ، من أن البشرية قدر مشترك بين الرسول وجميع آحاد الأمة ولا ريب أن هذه البشرية المشتركة وجه شبه يؤدى لا محالة إلى المماثلة بين كلامه وكلام من يجمعه بهم رابطة أو روابط خاصة على نحو ما قررنا. أليس الله يقول : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي! هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً؟) ويقول : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) ثم أليس الرسول يقول فى الحديث الآنف إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلىّ الخ ، ويقول لرجل رآه فامتلأ منه فرقا ورعبا : هون عليك فإنى لست بملك. إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد!.
(ثانيا) أننا نجد تشابها بين كلام النبوة وكلام بعض الخواص من الصحابة والتابعين ، حتى لقد نسمع الحديث فيشتبه علينا أمره : أهو مرفوع ينتهى إلى النبى صلىاللهعليهوسلم؟ أم موقوف عند الصحابى؟ أم مقطوع عند التابعى؟ إلى أن يرشدنا السند إلى عين قائله.
ومن أوتى حاسة بيانية يدرك هذا الشبه كثيرا كلما كان صاحب البيان المشابه تصله بالرسول صلات قوية ، كتلك الصلات أو العوامل المتآخذة التى توافرت فى على بن أبى طالب ، حتى مسحت بيانه مسحة نبوية ، وجعلت نفسه فى الكلام من أشبه الأنفاس بكلام رسول الله إن لم يكن أشبهها.
أما القرآن وما أدراك ما القرآن ، فلن تستطيع أن تجد له شبيها أو ندا ، لأن الذى صنعه على عينه لن تستطيع أن تجد له شبيها أو ندا!. فكيف يقاس القرآن بالحديث فى هذا المقام؟ أم كيف يجمع بينهما فى قران؟.
(ثالثا) أن القرآن لو كان كلام محمد كالحديث الشريف ، لكان أسلوبهما واحدا ؛ ضرورة أنهما على هذا الفرض ـ صادران عن شخص واحد ، استعداده واحد ومزاجه واحد ، لكن الواقع غير ذلك ، فأسلوب القرآن ضرب وحده تظهر عليه سمات الألوهية التى تجل عن المشابهة